2. علم الوراثة Genetics هو العلم الذي يدرس المورثات ( الجينات ) والصفات التي تورثها وما ينتج عنه من تنوع الكائنات الحية . وكانت مبادئ توريث الصفات مستخدمة منذ تاريخ بعيد لتحسين المحصول الزراعي وتحسين النسل الحيواني عن طريق تزويج حيوانات من سلالة ذات صفات جيدة – كمثال عن ذلك الحصان العربي الأصيل حيث كان العرب يزاوجون الحصان والفرس الأقوياء ليحصلوا على نسل قوي واستمروا بذلك عبر السنين -.
3. ولكن علم الوراثة الحديث الذي حاول فهم آلية توريث الصفات ابتدأ بالعالم غريفور مندل Gregor Mendel في منتصف القرن التاسع عشر، حيث قام مندل بمراقبة الصفات الموروثة للكائنات الحية وكيفية انتقالها من الآباء إلى الأبناء، ولكنه لم يكتشف آلية هذا الانتقال التي تتم عن طريق وحدات مميزة في توريث الصفات وهي المورثات ( الجينات ) Genes ، وهي تمثل مناطق معينة من شريط الـ DNA ، هذا الشريط هو عبارة عن تتالي وحدات جزيئية تدعي النيكليوتيدات Nucleotides ، ترتيب وتسلسل هذه النيكليوتيدات يمثل المعلومات الوراثية لصفات الكائن الحي .
4. يتواجد الـ DNA بشكل طبيعي على هيئة سلسلة مزدوجة، كل نيكلوتيد من السلسلة الأولى يقابله ويتممه نيكليوتيد من السلسلة الثانية . فكل سلسلة مفردة تقوم بعمل قالب للسلسلة الأخرى، وهذه هي آلية انتساخ الـ DNA وانتقال المورثات . تترجم الخلية ترتيب النيكليوتيدات في المورثة إلى سلسلة من الأحماض الأمينية amino acids وهذه السلسلة تؤلف بروتين معين - ترتيب الأحماض الأمينية في البروتين تتوافق مع ترتيب النيكليوتيدات في المورثة، والعلاقة بين ترتيب النيكلوتيدات وترتيب الأحماض الأمينية تدعى الشيفرة الوراثية genetic code
5. الأحماض الأمينة التي تؤلف البروتين تحدد شكله الثلاثي الذي يحدد وظيفة البروتين ودوره، فتختلف بذلك البروتينات عن بعضها البعض لتلعب أدواراً مختلفة في الخلية، فالبروتينات تلعب تقريباً كافة الوظائف داخل الخلية . فتغير واحد في الـ DNA لجينة ( مورثة ) معينة يؤدي إلى تغير في الأحماض الأمينية لأحد البروتينات مما يغير شكله فتتغير وظيفته ودوره وقد يكون هذا التغير ممرض أو مميت للخلية وللكائن الحي بشكل عام - مثال مرض فقر الدم المنجلي Sickle Cell Anemia ناتج عن تغير لنيكلوتيد واحد مما يغير أحد الأحماض الأمينية
6. مما يغير البروتين فيتغير دوره فتتشكل كرات دم غير قادرة على نقل الأوكسجين بشكل طبيعي فتنتج عنه مرض فقر الدم المنجلي -. وعلى الرغم من أن الوراثة تلعب دوراً في شكل وتصرفات الكائن الحي، لكن ما يمر به الكائن الحي من تجارب في حياته يلعب دورا كبيراً في ذلك - مثال الجينات مسؤولة عن تحديد طول الشخص ولكن التغذية والظروف التي مر بها هذا الشخص في طفولته تؤثر وتلعب دوراً كبيراً أيضاً .
7.
8. بدأ علم الوراثة على يد العالم المشهور مندل بدراسة انتقال الصفات الوراثية من الآباء للأبناء ونسب توزعها بين افراد الأجيال المختلفة . تعرف هذه الدراسات الآن بعلم الوراثة الكلاسيكي . لكن التقنيات الحديثة سمحت لعلماء الوراثة حاليا باستقصاء آلية عمل الجينات ومعرفة التسلسل الدقيق للحموض الأمينية ضمن دنا ورنا المادة الوراثية ليقوموا بعد ذلك بربط هذا التسلسل بالمورثات، وقد سمح هذا بإتمام واحد من أضخم مشاريع القرن العشرين : وهو مشروع الجينوم البشري .
10. يعد جريجور مندل واضع حجر الأساس لعلم الوراثة، وهو أول من توصل إلى نتائج ذات أهمية في هذا العلم . وفي خلال فترة عمله مدرساً للفيزياء والأحياء والتاريخ الطبيعي في مدرسة برون الثانوية في تشيكو سلوفاكيا ، كان مندل يزرع نبات البازلاء في حديقة الدير الذي يعيش فيه، بهدف البحث عن الكيفية التي يتم بها انتقال الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء . و في عام 1866 استطاع مندل توضيح نتائجه التي جمعها في السنوات السابقة، ولكنها أهملت حتى بداية عام 1900 حين إكتشف العلماء أهمية تلك التجارب بعد وفاته . وقد عمل مندل في وقت لم تكن الصبغيات أو انقسام الخلايا قد عرفت بعد، ومع ذلك فقد أعطى تفسيرات تتطابق مع ما يتوافر حالياً من معلومات عن آلية التوارث، وقد استخدم مندل نبات البازلاء في تجاربه .
11. الحمض النووي والشيفرة الوراثية : المعلومات اللازمة لتشكيل جسم بشري أو عنكبوت أو نبتة هندباء بريّة أو أي كائن حي آخر تقريباً تكون موجودة في جزيئات من الحمض النووي ( Deoxyribonucleic Acid ) على شكل شريط ثنائي لولبي في كروموسومات تخزن المعلومات على هذه الأشرطة فيما يعرف بالشيفرة الوراثية .
12.
13. الجين هو جزء طولي من الحمض النووي ويتكون من جزء صغير من الشيفرة الوراثية وهناك جزيء حمض نووي واحد ( DNA ) لكل كروموسوم وهذا قد يضم أكثر من 4000 جين ، وكل الكروموسومات معاً في خلايا جسم الإنسان تضم أكثر من 100.000 نوع من الجينات . وعبر دراسة تركيب الحمض النووي سنعرف ما هذه المعلومات وكيف لها أن تشكل الشيفرة الوراثية المستخدمة لبناء جسم كائن حي بدءاً من خلية واحدة ( بيضة واحدة مُخصّبة ) .
14. تركيب الحمض النووي : يتكون جزيء الحمض النووي ( DNA ) من خيطين مجدولين مع بعضهما بواسطة قطع صغيرة موصولة ببعضها ، للحمض النووي شكل لولبي يعرف باسم الحلزون الثنائي ( Double Helix ) . الدرجات في سلم الحمض النووي هي وحدات كيميائية تسمى قواعد نيتروجينية ، وكل درجة من السلم تتكون من قاعدتين نيتروجينيتين موصولتين في المنتصف . هناك أربعة أنواع من القواعد النيتروجينية ، في الشكل التوضيحي التالي تظهر الأحرف ( A,G,C,T ) وهي مفصلة أكثر في الشكل التوضيحي أيضاً . يوجد الملايين من الدرجات في جزيء الحمض النووي الواحد ولكن كل قاعدة نيتروجينية A ترتبط بقاعدة نيتروجينية T ، وكل قاعدة نيتروجينية C ترتبط بقاعدة نيتروجينية G .
15.
16. كيفية نسخ الحمض النووي قبل انقسام الخلية : قبل انقسام الخلية يجب أن تصنع جميع جزيئات الحمض النووي نُسخ مطابقة لنفسها لتحصل الخلية الجديدة على نسخة مطابقة من المعلومات المشفرة ، ولأجل ذلك ينقسم جزيء الحمض النووي ويصبح خيطاً واحداً ( بدل كونه خيطان متصلان ) كما لو أنه ينفك من منتصفه . يعيد كل خيط بناء نفسه ليصبح حلزوناً ثنائياً كما كان سابقاً ويستخدم لذلك قواعد نيتروجينية جديدة تزودها به الخلية ، وترتبط القواعد ( A ) مع ( T ) دائماً و ( G ) مع ( C ) دائماً . وفي بعض الحالات النادرة يحصل خطأ ما خلال نسخ جزيء الحمض النووي يؤدي إلى تغيرات وراثية ، إن التغيرات الوراثية من هذا النوع هي واحدة من الطرق التي تحدث ما يُسمى بالطفرة ( طفرة وراثية ) .
17. كيف تصنع الجينات البروتينات ؟ البروتين هو مجموعة من الأحماض الأمينية المربوطة معاً ، إن تتابع القواعد النيتروجينية ( A ) و ( T ) ، و ( C ) و ( G ) على طول جزيء الحمض النووي ( DNA ) يحدد للخلية أنواع الأحماض الأمينية التي يجب أن تستخدم ، وترتيبها وترابطها لتكوين بروتين معين . يمتلك الجين الواحد تتابعاً من القواعد النيتروجينية لجزيء بروتين واحد .
18. قراءة الشيفرة الوراثية : تصور أن ( G , C , T , A ) هي الحروف الأبجدية التي سنستخدمها لكتابة الكلمات للمعلومات المشفرة ، الأحرف CAA وهي تتابع قاعدي ( سايتوسين ، أدنين ، أدنين ) يخص إنتاج الحمض الأميني المعروف باسم فالين ، وأيضاً ( AAT ) وهي تتابع قاعدي ( أدنين ، أدنين ، ثايمين ) ترجمته إنتاج الحمض الأميني ليوسين . وبطريقة أخرى فإن المعلومات المشفرة مكتوبة في كلمات مكونة من ثلاثة أحرف ( مجموعات يتكون كل منها ثلاثة قواعد ) ، وكل كلمة تحدد للخلية أي حمض أميني يجب أن يرتبط مع حمض أميني آخر ، والشكل يوضح هذا الأمر .
19. 1. ينفك الرباط في الشكل بين خيطين من الحمض النووي DNA ليكشف عن الجين اللازم لتصنيع بروتين من نوع معين . 2. يتم نسخ القواعد النيتروجينية الموجودة على الجين . 3. ينتقل الحمض النووي الرايبوزي الرسول ( mRNA ) من النواة إلى الرابوزوم . 4. يحمل الحمض النووي الرابوزي الناقل ( tRNA ) الأحماض الأمينية إلى الرابوزوم . 5. تتصل الأحماض الأمينية لصنع جزيء البروتين المعين .
20. قراءة الشيفرة الوراثية : شرح الخطوة الأولى : يبتعد خيطا الحمض النووي عن بعضهما ، حيث أن جزء منه يفتح ويكشف عن الجين المسؤول عن بروتين معين . شرح الخطوة الثانية : تتابع القواعد النيتروجينية ( الشيفرة التي تحمل المعلومات لتكوين البروتين ) في الجين يتم نسخها ، ولكن الخيط الجديد الذي يمثل نسخة طبق الأصل عن الحمض النووي ( DNA ) مصنوع من مادة كيميائية تشبه الحمض النووي وتسمى الحمض النووي الرايبوزي الرسول ( mRNA ) .
21.
22. قراءة الشيفرة الوراثية : شرح الخطوة الثالثة : يحمل الحمض النووي الرايبوزي الرسول ( mRNA ) شيفرة تكوين البروتين إلى الرايبوزوم ، حيث يتحرك الحمض النووي الرايبوزي الرسول ( mRNA ) خارج نواة الخلية حاملاً نسخة عن الجين ينقله إلى عضيّ آخر في سيتوبلازم الخلية يسمى الرايبوزوم . شرح الخطوة الرابعة : وفي الرايبوزوم يلتقي ( mRNA ) بنوع آخر من الحمض النووي الرايبوزي ( RNA ) ويسمى الحمض النووي الرايبوزي الناقل ( tRNA ) ، حيث يلتقط ( tRNA ) الأحماض الأمينية وينقلها إلى الرايبوزوم حيث ترتبط لتصنع البروتينات
23. شرح الخطوة الخامسة : ترتبط الأحماض الأمينية ببعضها ، حيث أن جزيء واحد من الحمض النووي الرايبوزي الناقل ( tRNA ) يملك ثلاث قواعد نيتروجينية تلتقي وتتطابق على ثلاث قواعد نيتروجينية أخرى من الحمض النووي الرايبوزي الرسول ( mRNA ) ، وعند حدوث ذلك فإن الحمض الأميني يرتبط بسلسلة من الأحماض الأمينية المكونة لجزيء بروتين . تتابع الأحماض الأمينية ونوع البروتين تعتمد على تتابع القواعد النيتروجينية التي نسخها الحمض النووي الرايبوزي الرسول ( mRNA ) من الجين .