More Related Content Similar to الفعل، والصفح، وأزمة عالمٍ متصحّر في أُفق اكتشاف سياسي للإنسان عند آراندت (20) الفعل، والصفح، وأزمة عالمٍ متصحّر في أُفق اكتشاف سياسي للإنسان عند آراندت1. 2016 © ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ اﻟﺤﻘﻮق ﺟﻤﻴﻊAll rights reserved © 2016
ﻣﺤﻜﻢ ﺑﺤﺚا�ﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﻌﻠﻮم اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻗﺴﻢ2016 أﻛﺘﻮﺑﺮ 14
رّمتصح ٍعالموأزمة،والصفح،الفعل
آراندتعندلإلنسانسياسياكتشافُفقأفي
فازيو نبيل
مغربي باحث
2. 2
فازيو نبيل
اإلنسانية والعلوم الفلسفة قسمwww.mominoun.com
:امللخص
المعاصرة السياسية الفلسفة أنجزتها التي المقاربات من واحدة على َفّالتعر الدراسة هذه في حاولُن
اإلنسان لوضعية ًتشخيصا آراندت حنة الفيلسوفة أعقابها في بلورت والتي ،والحرية السياسي الفعل لمشكلة
مهام من العالم تغيير ّبأن المؤمنين الفالسفة جملة في الفيلسوفة هذه تكن لم .المعاصر العالم في المأزوم
اإلنساني للوعي يمكن ما أقصى ّأن معتقدة ،فهمه على بالعمل االكتفاء ،ذلك مقابل في ،وفضلت ،الفلسفة
ذات الحديث اإلنسان أزمة عن آراندت تتحدث .أحداث من به ينضح وما العالم فهم هو يدركه أن المعاصر
غير شمولية أنظمة تصاعد وعن ،كالتربية سياسية قبل مستويات إلى تسللها عن ،بامتياز السياسي الطابع
نظام في ًجذريا ًتغيرا وأحدثت ،اإلنسانية الحرية مكونات ّكل على أتت ،للبشرية السياسي التاريخ في مسبوقة
مجازفة وخوض ،أسبابها على اليد ووضع األزمة هذه تجليات تفكيك ذلك منها اقتضى وقد .اإلنساني الشرط
لنشأة تشخيصها ضوء على المفهوم هذا لتاريخ قراءة وإنجاز ،فيه الحرية مكانة وبيان اإلنساني الشرط فهم
واختراع الديني واإلصالح أمريكا اكتشاف لها؛ المؤسسة الكبرى الثالثة باألحداث وعالقتها الغربية الحداثة
تقيمها التي الوصل صلة فهمنا ،للحرية المحتكر النشاط ،آراندت عند ،َّظل الفعل ّأن علمنا ومتى .التلسكوب
السياسي الفعل أفول وبين ،النشيطة بالحياة المتعلقة أنشطته نظام في انقالب من اإلنساني الشرط طال ما بين
والفعل الظهور فضاء ،العام الفضاء من المنسحب اإلنسان عن الحديث ّإن والمعاصر؛ الحديث العالم في
نفسه وجد أن بعد منه يعاني المعاصر اإلنسان بات الذي الوجودي العوز لهذا توصيف هو ماّنإ ،السياسي
تكون بذلك .السياسية كينونته معنى يحدد الذي الظهور شرط عن ًبعيدا ،والقاتلة الصامتة ذاتيته في ملقى
فصول من ًفصال المأزوم الحرية وضع في التفكير ويكون ،السياسي وعمقه اإلنسان لكينونة ًنسيانا الحداثة
الفعل عن ألفته ما ّكل في إنجازه على آراندت أتت ما ًتحديدا وهذا ،أوضاعها ترتيب وإعادة الحداثة نقد
.والحرية
َدَفق بتواريهما إذ والصفح؛ التعهد ملكة قيمة إظهار في إسهابها نفهم أن يمكن ،ًتحديدا ،السياق هذا في
ًبحثا ذاته إلى فانزوى ،األليم الماضي قسوة وتجاوز المستقبل وصناعة الثقة خلق على قدرته الحديث اإلنسان
السياسي جوهره من أفرغه الذي األمر ،ومجالها السياسة من المزمن مهّتبر فيه ستّكر انيةّوج حرية عن
.)ماركس تعبير حد (على مشتغلة بهيمة من أكثر ليس هّنبأ الشعور فيه خّورس
،السياسة في والحرية الفعل ألزمة آراندت تشخيص مالمح بعض بيان الدراسة هذه في حاولنا وقد
الباراديغم من الخروج إلى الرامية ومحاوالتها ،ًمعا والوجود لإلنسان هيدجر لتصور بنقدها ذلك وعالقة
.الغرب وقدر الوجود فكر صورة في الغربية الثقافة مشهد إلى ،ّانباإل ذلك في ،يتقدم بات الذي الهيدجري
السياسي الشرط لتذكر محاولة كانت ،السياسية فلسفتها باألحرى أو ،آراندت فلسفة ّأن القول هذا يعني
3. 3
فازيو نبيل
www.mominoun.com اإلنسانية والعلوم الفلسفة قسم
مفاهيم ألرسخ مراجعتها في ًّايجل ىّدتب ما وهذا ،النسيان طي في الغربية الحداثة أسقطته الذي لإلنسان
،واإلرادة ،والفكر ،والتاريخ ،والعنف ،والسلطة ،والفعل ،الحرية كمفاهيم الغربي؛ التقليد في الفلسفي الفكر
التي والسياسة اإلنسان تذكر عملية جوانب من جانب إلظهار محاولة إال الدراسة هذه وليست .واإلنسان
.الفيلسوفة هذه أعمال ّكل بها هجست
4. 4
فازيو نبيل
اإلنسانية والعلوم الفلسفة قسمwww.mominoun.com
،»والظهور الفعل فضاء من «انسحابه ،»األرض من هُ«فرار ،»العالم عن الحديث اإلنسان «غربة
على قدرته «ضمور ،»تستهلك لكي إال تعيش ال مشتغلة بهيمة إلى لهّو«تح ،»الصامتة ذاتيته في «تشرنقه
إلى لهّو«تح ،»المشترك العيش معنى عن «غفلته ،»واإليديولوجيا المنظم الكذب ضحية «سقوطه ،»الفعل
متن ّيعج .الحشود»...إلخ مجتمع سطحية في المزمن «سقوطه ،»ُمقعال ُعدبل «افتقاره ،»وطن بال مواطن
ّأن ويبدو ،المأزومة ووضعيته الحديث اإلنسان بها وصفت التي العبارات هذه بمثل آراندت حنة الفيلسوفة
ْانتدبت التي الحديث اإلنسان أزمة عن الحديث في إسهابها لتبرير يكفي عندها األوصاف هذه حضور كثافة
ُوعي َقّتفت .الغربي الفكر تاريخ في هاُجذور الضاربة جراثيمها عن والتنقيب ،مالمحها لتشخيص نفسها
الغربي التراث من رّدالمتح العقل نقد مقتضى على هُأمر استوى الفلسفي الفكر في تقليد على الفيلسوفة هذه
مّديتق ،ومآلها اإلنسانية مستقبل على مطمئن غير ،براهنه مهجوس فكر صورة في نفسه عن ّربع وقد .ّتهمبر
في جراثيمها ويتعقب الحضارة أمراض صّيشخ ،يحدث بما قلق وعي صورة في الغربية الثقافة مشهد إلى
الميتافيزيقا مفهوم إلى الحاجة مسيس في الفكر هذا كان لذلك .الغربي للعقل والمفهومية التاريخية التشكالت
الميتافيزيقا قلب مشاريع وما .الغربي للعقل الحاكمة الكبرى والمفاهيم التصورات نقد إلى منه دلف الذي
األسس صوغ في ودوره الغربي التراث مفعول من المرتاب الموقف هذا عن تعبير إال ،وتفكيكها ومجاوزتها
الوضعية هذه لتوصيف األزمة بمفهوم التوسل كان وما .المأزومة الحديث اإلنسان لوضعية األونطولوجية
،الحديث اإلنسان أزمة عن الحديث بات إذ وآراندت؛ ،وهيدجر ،كهوسرل فيلسوف عند لالستغراب مدعاة
العالم...إلخ من اجتثاثه عن كما )(ماركس مشتغلة بهيمة إلى انقالبه عن ،الوجودي وفقره العالم في ْههيت عن
في اإلسهام ،بدورها ،آراندت ْحاولت .1
الوعي يتلقفها أن قبل الواقع بها ينضح التي البديهيات جملة في ًأمرا
للحداثة نقدها ّأن نزعم أن ويمكن بل ،نفسه الغربي التراث من المتحدرة وأورامها الحداثة أعطاب تشخيص
المعاصر الفلسفي الفكر أنتجه ما أبرز من يبقى ،والمفاهيمية التاريخية تشكلها مسارات عن وكشفها ،الغربية
.الغربية الحداثة نقد موضوع في
في ترغب كانت ما بقدر ،الفلسفة مهام من العالم قلب ّبأن المؤمنين الفالسفة زمرة في آراندت تكن لم
منها الفلسفية ،كتاباتها أتت وقد .3
بها يضطلع أن الفكر على ينبغي مهمة ّمأه َمالفه ْاعتبرت لذلك .2
فهمه
معقول فهم بلورة محاولة ْتضمنت عندما ،الفهم في الجامحة الرغبة هذه دّجسُت ،والصحفية السياسية كما
من إليه قادت وما ،اإلنسانية الحياة مستوى على انقالب من أحدثته وما ،الحديث اإلنسان أزمة تشكل لمسار
1- M, R, D’Allonnes, La crise sans fin, essais sur l’expérience moderne du temps, Paris, Seuil, 2012, p. 31.
ّهانإ ،الفهم ذلك من تنبع ّإلي بالنسبة فالكتابة .أفهم أن ّعلي .الفهم هو ّإلي بالنسبة المهم ّ"إن :1964 سنة الثانية األلمانية القناة مع لها حوار في تقول -2
علي (تنسيق ،ثورة بوصفه السياسي الفعل ضمن؛ ،فازيو نبيل العربية إلى نقله ،الفلسفة إلى االضطهاد من ،آراندت حنة ،"الفهم سيرورة من جزء
615 ص ،2013 ،الفارابي دار بيروت؛ ،)المحمداوي عبود
3- H, Arendt, La philosophie de l’existence (et autres essais), Paris, Payot, 2015, p. 281.
5. 5
فازيو نبيل
www.mominoun.com اإلنسانية والعلوم الفلسفة قسم
الفيلسوفة هذه حديث في نرى أن ينبغي ال لذلك .4
وأنشطته مكوناته وانتظام اإلنساني الشرط أسس خلخلة
ومجتمع ،السياسي والكذب ،الشمولي للنظام توصيفها قبيل من ،الحداثة ألزمة السياسية التجليات بعض عن
وجه في صرخة فيها نرى أن يمكن ما بقدر ،الحديث الغرب ُراهن أفرزها ظواهر عن ًحديثا ،الحشود...إلخ
الفضاء مشهد من وانسحابه الفاعل اإلنسان تواري يبقى .وضمور رّتصح من اإلنسانية الكينونة طال ما
اإلنساني الشرط لمآل آراندت مقاربة فهم الدراسة هذه في سنروم لذلك ،األزمة تلك أمارات أبرز العمومي
ْبمفهومي الحرية مفهوم ،متنها في ،تجمع ظلت التي اإلشكالية العالقة تفكيك خالل من ،الحديثة األزمنة في
ِإلحاح سبب لفهم مدخل خير يبقى العالقة هذه فهم ّأن االعتقاد عن ذلك في صادرين ،اإلنساني والشرط الفعل
أزمة تكون فكيف .5
الغربية الحداثة أزمة بؤرة الحديث العالم من العمومية ُعدب انمحاء اعتبار على آراندت
لكينونته دّدالمح األنشطة نظام بانقالب العمومي المجال من انسحابه عالقة ما حرية؟ أزمة الحديث اإلنسان
الفعل؟ على القدرة فقد أن بعد معنى من اإلنسان لوجود يتبقى ما وهل السياسية؟
املسألة طرح يف والفعل؛ ُةالحري :ًالأو
ظلت إذ والحرية؛ الفعل بمشكلة االهتمام عن آراندت عند الحديثة األزمنة أزمة في التفكير فصلْني ال
في اإلنسان ووضعية اإلنساني الشرط مشكلة الفيلسوفة هذه منها قاربت التي المفاهيم من واحدة األخيرة هذه
ّظل هُنكو ،متنها في المفهوم تبوأها التي ،الشرفية المكانة هذه ُرُّبري ما ولعل .والمعاصرة الحديثة األزمنة
العالم في وموقعها مكانتها عن لتكشف اإلنسانية الكينونة فيها ْتّدتب ،بامتياز ًسياسية ًمشكلة منظورها من
يربطها التي للعالقة ونتيجة ،الزمن في اإلنسان استمرارية لتجسيد ومجال السياسي للفعل أفق هو حيث من
في النظر يكون أن غرابة ال .المشترك العيش وبمجال بالعالم كما ،المواطنين من وبأضرابه بذاته اإلنسان
ّدح يصل الذي ،الكبير بالتضايف إيمانها عن ذلك في ًةصادر ،بارتيادها آراندت ْعجلت ًدربا الحرية معنى
ما سرعان التضايف هذا ّإن القول في ًتزيدا وليس .والفعل والسياسة الحرية بين ،كثيرة أحيان في التماهي
،السياسي المفهوم مستوى إلى به ترتفع أن آراندت فلسفة على كان الذي ،اإلنسان مفهوم على بظالله ألقى
مع ًتواجدا الوجود يصير حيث ،العمومي الوجود مجال وولوج الذاتية دائرة من خروج من ذلك يقتضيه بما
.للبشر التاريخي الوجود على المعنى وإضفاء العالم صناعة منه الغاية ،معهم ًوتعايشا اآلخرين
هذه أعطته الذي التعريف من أكثر والسياسة الحرية بين الجامعة الوشائج قوة على يؤشر شيء ال
فنأت ،الحرية تحقيق هي السياسة غاية ّإن تقل لم .6
السياسة معنى هي الحرية ّإن بقولها للسياسة الفيلسوفة
في الواردة مفاهيمها ّمأله العربية المقابالت إلى ،هنا ،أشير ّينفإ ،أراندت مفاهيم نقل في العرب المترجمين اختالف عن الناجم للغموض ًاتجنب -4
الفعل ،)Vita contemplativa( التأملية الحياة )Vita activa( النشيطة الحياة ،)la condition humaine( اإلنساني الشرط الدراسة؛ هذه
.)La promesse( التعهد ،)Pardon( الصفح ،)Œuvre( العمل ،)Travail( الشغل/الكدح ،)Action(
5- H, Arendt, Vies politiques, Paris, Gallimard, 1969, op, cit, p. 84.
6- Arendt, H. ¿Que es la politica? (Ediciones paidos, Barcelona, 1995) p. 62.
6. 6
فازيو نبيل
اإلنسانية والعلوم الفلسفة قسمwww.mominoun.com
في الفيلسوفة ذهبت أن ذلك نتائج من كان وقد .السياسي وللفعل للسياسة أداتي تصور ّكل عن هذا بموقفها
وطبيعة السياسي الفعل لماهية المقولة تلك مجافاة فيها أثبتت بعيدة حدود إلى والوسيلة الغاية مقولة خلخلة
األحكام أنقاض على قام للسياسة تعريفها ّأن إلى ننتبه أن علينا سيكون ،ذلك على عالوة .اإلنسانية الكينونة
مكر فعل السياسة تكون بمقتضاه الذي السلبي بمعناها منها تعلق ما وخاصة ،السياسة عن المتداعية المسبقة
تجذر عن الكشف في تتردد لم فهي .)(كالوزفيتس أخرى بوسائل للحرب مواصلة أو ،)(فيبر للعنف واحتكار
ليحملها ًكافيا ذلك كان وقد ،الغربي الفلسفي الفكر تضاعيف في ومجالها السياسة عن السلبي التصور هذا
أن شأنه من للسياسة آخر تصور معالم عن البحث إلى ودفعها ،الفكر ذلك خلفه الذي التراث رفض على
الفيلسوفة هذه متن في الحاصل التداخل على التشديد ينبغي لذلك .7
اإلنساني الشرط أبعاد مختلف يستوعب
.متنها في بينهما التداخل وسبب الوصل صلة الفعل مفهوم كان وقد ،والسياسة الحرية بين
نفورها فيه نقرأ ما وهو ،اآلخر حضور مجال هو الذي السياسة مجال داخل إال الحرية آراندت فّرَعُت لم
إلغاء هي حيث من الحرية ماهية على اليد وضع غرضها ليس إذ للحرية؛ سلبية رؤية ّكل من المبدئي
ًتصورا ّأن تدرك فهي ،لإلنسان الواقعي الشرط من تحرر هي بما أو ،واإلعدام السلب على وقدرة لآلخر
ذلك مقابل في .8
الحديث اإلنسان أزمة سليل هو الحرية عن ًمغلوطا ًفهما سُّكري أن إال شأنه من ليس كهذا
في مباشرة بها ّيزج الذي األمر ،9
السياسة وجود وسبب معنى الحرية من تجعل أن إال الفيلسوفة هذه أبت
الحاصل التمايز ورغم .ثانية جهة من السياسي الفعل ولمعنى ،جهة من اإلنسان لطبيعة جديد تصور مضمار
المالحظ ّفإن ،سارتر فيه سار الذي واألفق ،الحرية مفهوم فيه تقارب أن آراندت اختارت الذي فقُاأل بين
ّربيع فعل الحرية ّبأن االعتقاد إلى ويذهبان ،للحرية دةّالمجر النظرية التصورات يرفضان هماّنأ ًمعا عليهما
الضروري الشرط ّبأن نعترف أن «ينبغي :سارتر يقول ،المعيش بعالمه اإلنسان تربط نشيطة عالقة عن
.10
»الفاعل الكائن حرية هو عمل ّلكل واألساسي
،لإلنسان السياسي للشرط تجسيد خير بحسبانها الحرية إلى آراندت تنظر أن ،هاته والحال ،غرابة ال
للحياة الناظمة األنشطة من بغيره قورن هو إن األهم النشاط يبقى والفعل ،فعل نظرها في الحرية ّأن السيما
عن بالحديث األمر تعلق كلما والفعل والسياسة الحرية مفاهيم ،الفيلسوفة هذه متن في ،تتضايف .النشيطة
في كان الحديثة األزمنة في الحرية اندحار لمالمح توصيفها ّأن يعني ما وهذا ،لإلنسان السياسي الشرط
بما ،)(التوتاليتارية الكالنية األنظمة تصاعد بسبب انمحاء من اإلنسانية بالكينونة ّمأل لما ًتوصيفا جوهره
نموذج وتراجع ،جهة من الحديث السياسي االجتماع على جثمت التي العنف لمظاهر تصاعد من عنه نجم
من مجموعة ثورة؛ بوصفه السياسي الفعل ضمن؛ ،العملية ومفارقاته الفكر تجربة بين آراندت حنة للفكر؛ اآلخر الوجه ،فازيو نبيل انظر؛ -7
181 ص ،2013 ،الفارابي دار ،بيروت ،المؤلفين
8- H, Arendt, La crise de la culture, Paris, Gallimard, 1972, p. 105.
9- Ibid, p, 190.
562 ص ،للترجمة العربية المنظمة ،بيروت ،متيني نيكوال ترجمة ،الفينومينولوجية األونطولوجيا في بحث والعدم؛ الكينونة ،سارتر بول جون -10
7. 7
فازيو نبيل
www.mominoun.com اإلنسانية والعلوم الفلسفة قسم
وما ،)ماركس تعبير حد على المشتغلة (البهيمة المشتغل اإلنسان نموذج انتصار بسبب الفاعل اإلنسان
ّقرُت وعندما .11
الحديث اإلنسان عند الزمن في االستمرارية هم واختفاء ،بالشغل للفعل إبدال من ذلك استتبعه
مالمح وصف مجرد إلى بذلك ترمي ال هاّنفإ ،12
جوهرها في سياسية أزمة الحديث اإلنسان أزمة ّبأن آراندت
األمر ،اإلنساني الشرط نظام مستوى على حدث الذي االنقالب خطورة بيان إلى تهدف ما بقدر ،األزمة هذه
بتحليل التوسل آراندت فضلت .13
اإلنسانية الكينونة معنى خلخلة إلى قادت أزمة األزمة تلك من يجعل الذي
النشاط مجال داخل إال معناها يدرك ال التي الحرية قرين فيه ورأت ،االنقالب هذا معالم لبيان الفعل مفهوم
في النهج هذا إعمال إلى عمدت المرأة ّأن إلى ننتبه أن علينا وسيكون .التحديد وجه على منه والفعل ،عامة
الندثار توصيفها في كما الحديث اإلنسان مآل عن حديثها في متنها؛ مشهد أثثت التي الظواهر ّلكل مقاربتها
قطاعات من كثير على وهيمنته بالعنف السياسة لعالقة تحليلها في الشمولية؛ األنظمة زمن في الحرية
وضعية في تفكيرها وفي بل ،14
المدني والعصيان الثورة لمعنى مساءلتها في كما ،الحديث اإلنساني الوجود
نالحظ أن علينا العسير من ليس .15
القدس في إيخمان محاكمة إلى األنوار عصر منذ الحديث العالم في اليهود
انمحاء في ومفعولها الظواهر تلك ّكل أثر بإظهار الفيلسوفة تمسك كلها السياقات هذه اختالف في الثابت ّأن
إلى الفيلسوفة هذه سعي في ،السياسية الناحية من ،دّتجس ما وهو ،الحديثة األزمنة في الفاعل اإلنسان معنى
واإلسهام الحرية في حق من فقدوه ما استرجاع من المواطنون يتمكن حتى السياسي العمومي الفضاء إنعاش
يبقى بالفعل الحرية عالقة فهم ّإن بالقول لنا يأذن الذي األمر ،16
حق عن هابرماس الحظ كما القرار اتخاذ في
تّدتص التي السياسية القضايا من بمواقفها كما الفلسفية برؤيتها منه تعلق ما ،آراندت فكر لفهم مدخل خير
.السياسية كتاباتها في لها
الكينونة بين ترابط من ُهمقيُت ما على الدليل به ُقيمي مثال من أكثر ،آراندت متن من ،يسوق أن للباحث ُمكني
التي -17
اإلنسانية الطبيعة هشاشة فكرة على إلحاحها ذلك على الدالة العالمة ولعل الفعل؛ ومفهوم اإلنسانية
الفعل بزئبقية تسليم من ذلك يستلزمه بما ،والالتوقع للخطأ وقابليتها -18
الكبرى أماراتها من المبتذل الشر يبقى
الفعل بمقولة آراندت تمسك سبب تبين أن شأنها من الفكرة هذه وحدها .الحرية مآل توقع وصعوبة اإلنساني
؛19
والتناهي الموت على ًمنفتحا ًكيانا بحسبانه لإلنسان الهيدجيري للتصور مجاوزتها عن ّرتبع التي والحياة
11- H, Arendt, La condition de l’homme moderne, p. 246.
12- H, Arendt, La crise de la culture, p.121.
13- Poizat, J. Hannah Arendt; une introduction, Paris, La découverte, 2003, p. 68.
14- H, Arendt, Du mensonge à la violence, Paris, Poket, 1972, p. 53.
15- H, Arendt, Eichman à Jérusalem, Rapport sur la banalité du mal, Paris, Gallimard, 1966, p. 49.
16- J, Habermas, Droit et démocratie, entre faits et normes, Paris, Gallimard, 1997, p. 321.
17- H, Arendt, La condition de l’homme moderne, op, cit, p. 246.
18- H, Arendt, Responsabilité et jugement, Paris, Payot, 2009, p. 107.
19- M, Heidegger, être et temps, Paris, Gallimard, 1986, p. 283.
8. 8
فازيو نبيل
اإلنسانية والعلوم الفلسفة قسمwww.mominoun.com
مفهوم دعائم ترسي أن الفيلسوفة هذه حاولت ،للكينونة العميق المعنى بحسبانه التناهي سلبية على ًضدا إذ
التعهد فكرتي على أقامتها التي السياسي الفعل مقولة من ًانطالقا ،والالتوقع الزئبقية على منفتح كأفق الحياة
في لفلسفة والتأسيس هيدجر أفق من الخروج لحظات من لحظة الحرية غدت أن النتيجة فكانت ،20
والصفح
ّظل في الحرية مفهوم الفيلسوفة هذه رتّوتص كيف .ًأيضا الوجود في فلسفة األشكال من بشكل هي ،الفعل
إلى جديدة لرؤية ًتأسيسا الفعل في لفلسفة التأسيس يكون معنى ّبأي والسياسة؟ الحياة مفهومي مع تضايفه
التحديد؟ وجه على منه والسياسي ،عامة اإلنساني لشرطه معقول فهم بلورة في تفيدنا أن شأنها من اإلنسان
العدمي األفق من اإلنسان فكرة ُخرجي أن استطاع والحرية للفعل آراندت تصور ّإن القول ُمكني حد ّأي وإلى
مات؟ قد اإلنسان ّأن المحدثين الفالسفة سماء في أعلن أن بعد ،دخلته الذي
الفعل إىل النشاط من :ًاثاني
على أقدمت ما هاّنأ ويبدو .الحرية لمفهوم آرندت تصور تمفصالت ،تداخلها في ،تلك األسئلة مثلُث
،الغربي الفكر تاريخ عبر تبلورت التي الكالسيكية التصورات نقد على أتت أن بعد إال للحرية حد اقتناص
المسيحي التقليد من ّكل لها مثل ،الغربي التراث من إلينا ْرتّدتح تصورات لثالثة نقدها في تجلى ما وهو
مجال في سواء ،الحتمية فكرة على المؤسس التقليد ثم ،ًثانيا السيادة على الحرية أقام الذي والليبرالي ،ًأوال
ٌشك ُخامرناي ال .المطاف نهاية في ٌفعل هاّنبأ الحرية تعريف على دمْقُت أن قبل هذا ،ًثالثا ،التاريخ أو الطبيعة
لمعنى العريضة الخطوط ترسم وهي آراندت على نفسه يفرض ّظل اإلنسان عن ًْنيام ِض ًتصورا أن في
الغابة ُفيلسوف منه جعل الذي التناهي أفق من الخروج خالله من رامت الذي عينه التصور وهو ،الحرية
.اإلنسانية للكينونة الذاتية المقومات من ًواحدا السوداء
جعلت بأن ،اإلنساني للشرط تصورها ضمن ًمركزية ًمكانة الفعل مفهوم أتّوب آراندت ّأن المعلوم من
،الزمن في االستمرارية إنتاج على قدرته إلى بالنظر وذلك ،بامتياز السياسية للداللة المحتكر النشاط منه
شأن من .21
والعمل كالشغل اإلنساني النشاط أشكال من بغيره قورن هو إن السياسي الفعل ماهية يمثل الذي
التقليد دائرة من الخروج على الفيلسوفة هذه عند الفعل فلسفة ارتكاز ّسر ُفهمناي أن الحقيقة بهذه الوعي
لمفهوم الفلسفة تصور على بظالله ألقى أمر وهو ،التأملي بعدها في اإلنسانية الحياة اختزل الذي الفلسفي
صدرت أن النتيجة فكانت ،أخرى تارة التأمل حياة وفي ،تارة انيةّوالج الحرية في اختزلها بأن نفسه الحرية
غربة الفيلسوف وتزيد ،الحقيقة إلى الوحدوية رؤيتها تعضد ْأتت الحرية إلى سياسية غير رؤية عن الفلسفة
لواقع للحرية الفلسفي المعنى مجافاة على الفارقة العالمات من .العمومية والقضايا اإلنسانية الحياة عالم عن
تحت المعيشة اليومية حياتنا في واختبارها بالحرية الوعي بين الفاصلة السلبية المسافة تلك اإلنسانية الحياة
20- H, Arendt, La condition de l’homme moderne, op, cit, p. 213.
21- Ibid, p. 69.
9. 9
فازيو نبيل
www.mominoun.com اإلنسانية والعلوم الفلسفة قسم
،ًحينا والحرية اإلرادة بين التمييز خالل من منها الخروج الفالسفة حاول التي المفارقة وهي ،22
السببية وطأة
تفكير أي ّأن تدرك وآراندت .أخرى أحايين في الطبيعية والحتمية الحرية وبين ،ًأحيانا والتحرر الحرية وبين
سياسي منظور من تلك المسألة تقارب هاّنوأ خاصة ،اإلعضال هذا يجبه أن ينبغي الحرية مسألة في يّدج
التي األسباب من جملة بوجود ُّقري كما ،ّتهمبر الغربي التقليد لمجاوزة محاولة شكل في الفكر مشهد إلى يتقدم
من ّيستشف أن يمكن ما نحو على ،23
وجوهره السياسي الفعل معنى هي بما اإلنسانية الحرية معها تنتفي
من أكثر في الوضع ذلك فيلسوفتنا تصف .ّانباإل ذلك في عليه وعيها تفتق الذي السياسي للوضع توصيفها
،اإلنسانية الحرية واندحار الشمولية األنظمة ظهور بسبب 24
الحالكة باألزمنة تسميته وتفضل ،متنها من مقام
ما على تؤشر أتت ،الغربي السياسي التاريخ في مسبوقة غير ظاهرة يمثل الشمولي ّدالم تصاعد ّأن وترى
جوانية ملكة عن ًحديثا ليس الحرية عن هنا الحديث ّأن واضح .انسحاق من لإلنسان السياسي الشرط طال
فيلسوفتنا يعني الذي ّأن طالما ،الحرة اإلنسانية الذات داخل وتتشرنق العمومي الوجود مشهد من تنسحب
اإلنسانية دالالتها من السلطة أفقر عندما ،محوه على 25
الكلياني النظام أقدم الذي السياسي هاُدُعب الحرية من
.26
»العملية وأكاذيبه اإليديولوجية مراميه «لتحقيق والتغلب والقهر العنف في واختزلها
الوجود معنى في النظر الفيلسوفة هذه فيها ْأعادت ًمناسبة لّمث الحرية مفهوم مراجعة ّأن والحال -أ
لها نقرأ .للحرية تعريفها في أوضح نحو على ،كَُدري ما وهو ،النشيطة الحياة مقولة من ًانطالقا اإلنساني
إلى بنا حاجة ال .27
»الفعل هو تجريبها ومجال ،السياسة وجود سبب هي الحرية ّ«إن :قولها المقام هذا في
النشيطة الحياة بمقولة الفيلسوفة هذه كّتمس نتيجة ،أولى جهة من ،كان والفعل الحرية بين الربط ّبأن التذكير
للحرية بمقاربتها تنأى بذلك وهي ،اإلنسانية الحياة مختبر في تجريبه يمكن ًفعال الحرية تكون بمقتضاها التي
تخرج الذي ذاته اآلن في ،29
ّتهمُبر الفلسفة تاريخ في أمره فشا الذي ،28
والمطلقة الجوانية الحرية مفهوم عن
الطبيعي مجالها إلى إعادتها إمكانية أمام الباب لتفتح ،الذاتية أفق من أي ،والتأمل الفكر أفق من الحرية فيه
أسعف بالفعل الحرية ربط ّإن ،ثانية جهة من ،القول يمكن لذلك .نظرها في السياسة مجال هو الذي واألصلي
تضفيه الذي للمعنى مناسبة أكثر يصير حتى الحرية مفهوم على النسبية من الالزم القدر بإسباغ صاحبته
عالقاتها جهة من إليها ًمنظورا ،الحرية «ليست :السياق هذا في آراندت تقول .ومجالها السياسة على هي
حرية على أي ،liberum arbitrium على هنا نظرنا مدار فليس ،اإلرادة ظواهر من ظاهرة ،بالسياسة
22- H, Arendt, La crise de la culture, p. 186.
23-H, Arendt, qu’est ce que la politique?, Paris, Seuil, 1995, p. 31.
24- H, Arendt, Vies politiques, Paris, Gallimard, 1974, p. 20.
25- H, Arendt, La crise de la culture, op, cit. p. 193.
26- H, Arendt, Le système totalitaire, Paris, Seuil, 1972, p. 92.
27- H, Arendt, La crise de la culture, op. cit. p, 190 (عندي من )التشديد
28- Ibid. p. 190.
.آراندت نظر في سياسية بطريقة التفكير إلى ذلك تجاوز بل ،السياسة في بالتفكير قط ِيكتف لم الذي كانط الجهات من بجهة استثنينا إذا -29
10. 10
فازيو نبيل
اإلنسانية والعلوم الفلسفة قسمwww.mominoun.com
االختيار يكون حيث ،مستهجن واآلخر مستحسن أحدهما ،اثنين معطيين بين وتقرر تفصل التي االختيار
.30
»إليه اإلشارة بمجرد التأثير في يشرع ما سرعان دافع بواسطة قبلي نحو على ًمحددا
صلتها عنها تنفيه ما وأول .بالسلب السياسية الحرية بتعريف البدء ،هذا قولها في ،آراندت تفضل
الحرية إلى النظر على االختيار حرية مفهوم استوى .القديمة والفلسفية الدينية األصول ذات االختيار بحرية
بها تتوسل التي الوسيلة على برانية الغاية تكون أن الطبيعي ومن ،ما غاية تحقيق إلى ترنو إرادة بحسبانها
لمقولة ،ًصريحا أو ًضمنيا ،ًإسقاطا إال االختيار حرية مقولة في فيلسوفتنا َتر لم لذلك ،الحالة هذه في الحرية
السياسة لروح مجافية المناولة هذه العتبار ،رفهاُع في ، ٍكاف ٌسبب وهذا .الحرية مفهوم على الوسيلة-الغاية
يجعل الذي األداتي التصور مع مزمن توتر في السياسة معنى مادام ،والوسيلة الغاية منطق عن تنأى التي
حيث من ،الحرية ّإن إذن القول الصواب مجانبة باب من سيكون .31
قبلية غايات لتحقيق وسيلة َدّمجر منها
مضمونها هّنإ ،نفسها للسياسة محايث هنا فالمعنى ،تحقيقها الفعل يروم قصوى غاية تمثل ،السياسة معنى هي
الموجود انكشاف ضروب من ًضربا والسياسة الحرية من يجعل ما وهذا .عنه تنفصل أن يمكنها ال الذي
.ًمعا وللتاريخ للعالم ًصانعا ذاك الموجود فيه يصير نحو على العالم أمام وحضوره اإلنساني
هذا تموقعها تبرر وهي ،التجافي ذلك مقدار إلظهار السياسة زاوية في التموقع على الفيلسوفة هذه دّدتش
النظر وبصرف .لإلنسان السياسي بالشرط صلتهما حيث من االختيار وعبثية الفعل بين تباين من يظهره بما
المبدئي التقابل بحكم ،اإلنساني الشرط ضرورات جملة في الحرية اعتبارها بها ينضح التي المفارقات عن
ُيطرح اإلنسان إلى بالنسبة االختيار ضيةَرَعب اإلقرار حد إلى الذهاب ّفإن ،32
والضرورة الحرية ْمفهومي بين
واإلرادة االختيار حرية بين ما استحضرنا نحن إن خاصة ،للحرية تصورها على الصعوبات من ًكثيرا
مثل عن هيدجر تلميذة تذهل لم .والتماهي التطابق ّدح ،كثيرة أحيان في ،تبلغ ْكادت عالقة من اإلنسانية
معتبرة ،الحرية إلى رؤيتها في الفعل مفهوم تفضيلها سبب توضح انبرت ما سرعان بل ،االعتراض هذا
به وصف الذي الصناعة مفهوم أساس تمثل التي والتتميم المبادرة على بقدرته يختص اإلنساني الشرط ّأن
فن إلى ننسبه الذي الكمال هي البراعة ّوألن ،البراعة من ًشيئا يتضمن فعل ّكل كان «فلما السياسة؛ القدماء
بتحديد يتعلق ال األمر ّأن ٌواضح .33
»صناعة بحسبانها السياسية تحديد على جرت العادة ّفإن ،الممارسة
بل ،)(األثر العمل مقتضيات في يصهرها أن ذلك شأن من ّأن طالما ،صناعة باعتبارها السياسية ماهية
حيث من السياسي والمجال الدولة إلى ننظر عندما خاصة ،السياسي التحليل منظور من دالالته له بتشبيه
األقدر النشاط بحسبانه الفعل معنى وتجسيد ،الزمن في االستمرارية خلق على قادرة إنسانية صناعة هما
30- H, Arendt, La crise de la culture, op, cit, p. 196.
31- H, Arendt, qu’est ce que la politique?, op, cit, p. 92.
،العرقي هادية ترجمة ،البشري الوضع ،آراندت انظر .الحرية عن الفعل ّربيع حين في ،الضرورة مجال عن ّربيع الذي هو الشغل ّأن بسبب -32
137 ص ،2015 ،جداول ،بيروت
33- Arendt, la crise de la culture, op, cit, p. 199.
11. 11
فازيو نبيل
www.mominoun.com اإلنسانية والعلوم الفلسفة قسم
لمعنى آراندت تصور من ًجليا ىّديتب كما الطبيعة استمرارية يحاكي أن شأنه من الزمن في أثر ترك على
.34
التاريخ
من معناه ينهل آراندت عند اإلنسان ّأن ،والتاريخ ،والفعل ،والسياسة ،الحرية بين التداخل هذا من يلزم
داخل المشترك العيش سبل وخلق المبادرة على قدرته من ٌِّنيَب أمر وهذا ،حريته وتجسيد الفعل على قدرته
ّز؛يوتم فرادة من اإلنساني الشرط به ّيختص ما على عالمة السياسي الفعل يكون بذلك .35
العمومي الفضاء
ما وبمقدار ،العمومي الفضاء إلى انتمائه عن ،السياسي بفعله ،التعبير الفاعل اإلنسان يروم ما بمقدار إذ
ّربيع فهو ،المدينة إلى المنتمين األفراد بين أفقية ٍوصل صلة هي حيث من المواطنة من انتمائه معنى ينهل
عن ًومتميزا ًفريدا ًشخصا باعتباره ،العمومي الفضاء داخل واالختالف التمايز خلق على قدرته عن كذلك
من السياسي للفعل الفيلسوفة هذه فهم عليه يقوم ما إلى التنبيه إلى بنا حاجة ال .36
المواطنين من أضرابه
بين للمساواة ًمجاال السياسة فيه اعتبرت الذي ذاته اآلن في والتفرد التمايز على أقامته فقد ،ضمنية مفارقة
أن بإمكانهم يكون لن هّنفإ ،متساوين البشر يكن لم «إذا هّنإ القول من ًانطالقا ،العمومي الفضاء إلى المنتمين
سيأتون من حاجات ويتوقعوا للمستقبل يخططوا أن وال ،قبلهم أتوا من يفهموا أن وال ،ًبعضا بعضهم يفهم
ما في التفكير خالل من ،السياسي بالفعل وعالقتها الحرية معنى تحديد صعوبة يطرح ما وهذا ،37
»بعدهم
التمايز لخلق أم ،العام الفضاء في التواجد يقتضيه ما نحو على األفراد بين المساواة لخلق آلية الفعل كان إذا
.السياسة مجال في الفاعلة اإلنسانية الذات تقتضيه ما وفق
بالطبيعة وعيها عن ّربليع أتى دّوالتفر المساواة بين التقابل هذا ّبأن ّقرُن إذ الصواب نجانب ال ولعلنا -ب
االختالف ّظل في واالستمرارية الوحدة ضمان بها؛ يضطلع التي المهمة بحكم السياسي للمجال ةّالهش
المرأة تحليل من ُّستشفي ما هذا .السياسي للمجال وتهديد صراع من إليه يقودا أن يمكن وما ،والتعدد
هيدجر َموقف استدعائها جهة من كما ،38
السياسة جهة من إليها ًمنظورا والرأي الحقيقة بين العالقة إلشكالية
على هاُدتشدي الحالتين في ُالثابت إذ ؛39
اإلنسانية الكينونة على هُيمارس الحديث المجتمع بات الذي التنميط من
وإلى اآلخرين مع التواجد إلى المستمرة وحاجته ،كينونته تشرط التي وفرادته اإلنسان تميز بين التداخل
هاتين بين المواءمة لهذه ضمانة السياسي الفعل يكون معنى ّفبأي ،)ريكور تعبير ّدح (على المشترك العيش
الضرورتين؟
34- Ibid, p. 73.
35- Felix Heidenreich et Gary Schaal, Introduction à la philosophie politique, Paris, CNRS, 2012, p. 235.
36- Arendt, Responsabilité et jugement, Paris, Payot, 2009, p. 51.
197 ص ،البشري الوضع ،آراندت حنة -37
38- J, Donegani et M, Sadoun, Qu’est ce que la politique?, Paris, Gallimard, 2007, 421.
39- M, Heidegger, Etre et temps, op, cit, p. 301.
12. 12
فازيو نبيل
اإلنسانية والعلوم الفلسفة قسمwww.mominoun.com
على آراندت ُةعاد ْجرت ،40
للمفاهيم اللغوي بالتحليل البدء على دأبت التي ،هيدجر منهجية مثل على
في أمسى فكري ٍترف إلى ذلك ّدمر ليس .والالتينية اليونانية دالالتها تحليل قاعدة على فلسفتها مفاهيم نحت
والروماني اليوناني األصل تركه ما إلى ماّنوإ ،41
السوداء الغابة فيلسوف تالمذة من كثير عند الالزمة حكم
من الفعل مفهوم يبقى .الفيلسوفة تلك متن مشهد أثثت التي الكبرى السياسية المفاهيم في وصدى أثر من
والبدء الشيء تحريك على القدرة إلى الالتيني-اليوناني معناه في يشير إذ المعرض؛ هذا في الفارقة العالمات
يضفي ما ّإن بل .42
والتاريخ الحدث صناعة على اإلنسانية القدرة إظهار منه الغاية ٍءبد ُفعل فهو ،بالمبادرة
إلى ،43
والفعل االبتداء على عالوة ،آراندت حسب ،يحيل الذي اليوناني أصله السياسي معناه الفعل على
األحرار بها ّيختص التي السمات جملة في اليونان هاّدع خصائص وهي ،األمر وإصدار القيادة على القدرة
فيه ْورأت ،اإلنسان والدة فعل داللة عن كتبته ما الفيلسوفة هذه كتبت ًتحديدا السياق هذا في .44
الناس من
معنى حددُت التي هي «الحرية ّأن معتقدة ،اإلنساني الوجود يسمان ْنياللذ والالتوقع العفوية على عالمة خير
ما ّأن ّنيالب من ولعله .45
»الحرية هي التي البدء ملكة العالم إلى لُِدخي حتى اإلنسان َخلق هللا ّوأن ،اإلنسانية
على ذلك ينعكس ما سرعان إذ والحرية؛ والفعل اإلنساني الشرط عفوية بين القائم الترابط بيان هو إليه رمت
ةّدالج َسَفن الوجود شرايين في يضخ والدة حدث هُنكو حيث من إليه نظرت إذا حتى ،الفعل لمفهوم تصورها
.46
بالمعجزة ًأحيانا وصفها في تتردد ال وزئبقية ٍتوقع ال من اإلنسانية الحياة به تتسم ّامع ْكشفت ،والخلق
بمدى صاحبته وعي عن يعرب ما بقدر ،الوالدة فعل برمزية االحتفال في مبالغة عن التوصيف هذا ّمين ال
اإلنسان يضفيه أن يمكن الذي للمعنى رئيسين منبعين بحسبانهما والالتوقع العفوية إلى اإلنسانية الحياة حاجة
تلك منها حتى ،حريته على تأتي أن شأنها من التي ،الحتميات ّكل يتجاوز ٌكائن هو حيث من 47
وجوده على
هّنوكأ ،ُنتظري ال ما منه ننتظر أن هو الفعل على ًقادرا المرء يكون أن «فمعنى ؛48
وقوانينه بالتاريخ المرتبطة
كغيره ليس هّنأ اإلنسانية داللته الوالدة فعل على يضفي ما .49
»توقع ّكل من يفلت أمر إتمام مضمار في
اإلنسان والدة إذ والعضوية؛ الطبيعية السيرورات عن الحديث حين نتصورها أن يمكن التي البدايات من
العالم إلى البداية مبدأ أتى اإلنسان خلق فمع ،بادئ نفسه وهو ،ما شخص بداية هي بل ما شيء بداية «ليست
40- Jean Beaufret, Dialogue avec Heidegger, T. 1, philosophie grecque, Paris, Minuit, 1973, p. 13.
41- Antonia Grunenberg, Hannah Arendt et Martin Heidegger; histoire d’un amour, Paris, Paoyt, 31.
42- H. Arendt, La crise de la culture, op, cit. p. 215.
43- Ibid., p. 216.
أن ،)نحكم وأن ،نقود وأن ،نبدأ أن اليوناني اللفظ إليه يشير (مثلما نتولى أن ،نبادر أن يعني ،للكلمة العام المعنى في نفعل "فأن :آراندت تقول -44
199 ص ،البشري الوضع ،آراندت ،")الالتيني للفظ األول المعنى هو (وهذا نحرك
45- H. Arendt, La crise de la culture, p. 217.
200 ص ،البشري الوضع ،آراندت -46
47- H, Arendt, qu’est ce que la politique ?, op, cit. p. 70.
48- H, Arendt, La tradition cachée, le juif comme paria, paris ; Christian Bourgeois, p. 126.
49- H, Arendt. Condition de l’homme moderne. Op. cit. p. 234.
13. 13
فازيو نبيل
www.mominoun.com اإلنسانية والعلوم الفلسفة قسم
مّديتق 50
.»ذلك قبل وليس اإلنسان لقُخ عندما لقُخ قد الحرية مبدأ ّإن للقول أخرى طريق بالطبع وهو ،نفسه
بل ،الزمن مسار في والالتوقع ةّدالج عنصر إدخال على ًقادرا ًحدثا باعتباره الوجود مشهد إلى الوالدة فعل
مجال من يجعل ما وهو ،51ًشخصا باعتباره أي ،ومغايرة متميزة كذات اإلنسان فيه ىّديتب الذي الفعل هّنإ
موقفها آراندت تلخص .52
اإلنسانية الشؤون وهشاشة الفعل تجلي مسرح ،التاريخ مجال من كما ،السياسة
الذي بالموت ًدوما ًداّدمه يخلدوا لكي إمكانية عن ًبحثا الفانون الناس صنعه الذي العالم «يبقى :بالقول هذا
أولئك إلى ًدائما تحتاج صحراء عن عبارة ،الجهات من بجهة ،العالم ّإن .ُعمروهيل ولدوا الذين وهم ،يشرطهم
ٍدتجدي حدث باعتباره ،الوالدة فعل ّأن يعني ما وهذا ،53
»جديد من البدء بدوره يستطيع حتى ،يبدؤون الذين
.54
والزمن التناهي على وانتصارهم البشر الستمرارية األونطولوجية الضمانة يبقى ،العالم في
عفوية على تشديدها من تتناسل أن ُمكني التي الصعوبات أمر من ّنةيب على كانت آراندت ّأن صحيح
على ًةقدر ،بالضرورة ،يستدعي العام الشأن تدبير ّوأن خاصة ،البشرية الشؤون وهشاشة والسياسة الحرية
ُعارضي ما وهو ،الرئيسة السياسي االجتماع بمبادئ الصلة ذات والقضايا الخالفات من كثير في الحسم
ما التي عينها المفارقة أمام ناّنإ .حرية باعتبارهما ،السياسي للفعل كما ،للسلطة تصورها األقل على ًمبدئيا
مفترق «في األخيرة هذه وجود عن ،جهة من ،الناجمة السلطة معنى لتحديد واّدتص الذين ّكل تؤرق انفكت
،55
»المشترك العيش إرادة في يتجلى أفقي وآخر ،الهيمنة له ُتمثل عمودي محور اثنين؛ محورين بين الطرق
السياسي االجتماع على بظالله األليم الماضي ُلقيي عندما للذاكرة السلبي المفعول عن ،أخرى جهة ومن
وعي ّأن ويبدو .الناس بين المشترك العيش شروط لخلق والتوافق الثقة من الالزم القدر توفر دون فيحول
الشرط عالقة عن حديثها في والتعهد الصفح ْمقولتي ّضخ على حملها الذي هو الصعوبة بهذه فيلسوفتنا
الوعي على الزمن ُتعاقب ُماهيطرح ْنيَيتحد يواجه أن لإلنسان يمكن بهما إذ ؛56
التاريخ بصناعة السياسي
بعضهم في الناس ثقة يخلخل ٌحدث استوقفها كلما هشاشة اإلنسانية الشؤون ويزيدان بل ،الفعل على كما
،والتاريخ الزمن )l’irréversibilité( رجعية ال مشكلة أولهما والذاكرة؛ الماضي على بثقله ويلقي ،ًبعضا
على والتعاقد الماضي صفحة طي عن ُالصفح اُننِكَمُي .57
المستقبل )l’imprévisibilité( توقعية ال وثانيهما
نقف وأفعال بأحداث األمر يتعلق عندما خاصة ،األليم للماضي ٍممتنع نسيان وراء اللهث من ًبدال المستقبل
199 ص ،البشري الوضع ،آراندت -50
51- H, Arendt, Responsabilité et jugement, op, cit, p. 51.
52- H, Arendt, La condition de l’homme moderne, op, cit. p. 246.
53- H, Arendt, qu’est ce que la politique?, op, cit. p. 190.
54- H, Arendt, La condition de l’homme moderne, op, cit, p. 314.
55- M, R, d’Allonnes, Le pouvoir des commencements, Paris, Seuil, 2006, p. 112.
56- H, Arendt, La condition de l’homme moderne, p. 310.
57- J, Kristeva, Le génie féminin, op, cit. p. 359.
14. 14
فازيو نبيل
اإلنسانية والعلوم الفلسفة قسمwww.mominoun.com
جملة في ،هذا يعني .58
الشأن هذا في كريستفا الحظت كما مرتكبيها عن الصفح عن كما إدانتها عن عاجزين
الشعور وقسوة وطأة من التخفيف قصد ،الذاكرة مع والتصالح الماضي الستيعاب آلية الصفح ّأن ،يعنيه ما
الذي الفعل هو ،المعنى بهذا ،الصفح ّإن .الماضي إلى للعودة قابليته وعدم الزمن سير حتمية أمام بالعجز
حيثما جديدة بداية إحداث في ُفلحي فهو ،إنهاؤه ّمت ما استئناف وإلى ،ًمستحيال إنجازه يبدو ما إتمام إلى «يرمي
ُدالتعه ُسعفناي ،ذلك مقابل في .59
»فريد حدث في نفسه عن ّربيع فريد فعل هّنإ نهايته؛ أدرك شيء ّكل ّأن يبدو
مشترك شعور وطأة تحت الجماعة واستمرارية المشترك العيش لضمان الالزمة الثقة خلق في بالمقابل
من الصفح نّكَمُي إذ ين؛ّدن تينك الملكتين اعتبار «يمكن :آراندت تقول .به التنبؤ وصعوبة المستقبل بقسوة
،دوموكليس سيف مثل جديد ْليج ّكل على بظاللها تجثم ،معلقة »«أخطاؤه تبقى الذي ،الماضي أفعال محو
المحيط هذا داخل األمان من ًجزرا ،التعهدات بواسطة الترابط في الكامنة ،األخرى الملكة لنا توفر حين في
العالقات في دوام ّكل نقول ال حتى ،استمرارية ّكل تكون دونها من والتي ،المستقبل في المتمثل الاليقين من
اإلنسان يصير وبهما ،بالعهد والوفاء الصفح على القدرة في السياسي الفعل ىّديتب .60
»ًمحاال ًأمرا ،البشرية
ّأن ،61
ريكور رأي على ،يعني ما وهذا ،المستقبل وعتمة البشرية الشؤون هشاشة جبه على ًقادرا الفاعل
اإلنسان بقدرة وإيمانها السياسي بالفعل هوسها ُترجمي ًسياسيا ًطابعا والتعهد الصفح على ضفيُت آراندت
السياسي الطابع على الفيلسوف هذا اعتراضات عن النظر وبصرف .والموت التناهي أفق مجاوزة على
،62
المفهوم لهذا الديني سَفَنال عن ذهول من آراندت فيه وقعت ما على تنبيهه وعن ،للصفح والمؤسساتي
تنبعان ملكتان فهما ،العمومي والفضاء المشترك بالعيش عالقتهما والتعهد للصفح تصورها من يعنينا ما ّفإن
اآلخرين؛ مع التواجد على ًانفتاحا أكثر ويجعالنها ذاتيتنا من ناِنُخرجاي فعالن هماّنلك ،اإلنسانية الكينونة من
مؤطرتين قيمتين والتعهد الصفح يصير بذلك .63
اآلخر تجاه بل الذات تجاه يكون ال ،التعهد كما ،الصفح إذ
الغربي التقليد عليه قام الذي غير والحكم لالجتماع نموذج عناصر منهما ننهل أن ويمكن ،السياسي للمجال
تلك تناغم بين مماثلة من ذلك يستلزمه وما ،وقواها النفس في المرء تحكم نموذج في والمتمثل ،الحكم في
استخالصه يمكن الذي السياسي النموذج ّإن .أفالطون عند الحال هي كما ،المجتمع مكونات وانسجام القوى
العالم صنع أجل من إليه الدائمة بحاجتنا واالعتراف اآلخر حضور يستلزم نموذج والتعهد الصفح ملكتي من
وهي ،التعهد غير البداية هذه وليست ،بالضرورة جديدة بداية تتضمن التاريخ في نهاية ُّ«فكل ،والمستقبل
58- Ibid, p. 361.
59- H, Arendt, La philosophie de l’existence, op, cit, p. 276.
60- H, Arendt, Condition de l’homme moderne. Op. cit. p. 302.
61- P, Ricœur, La mémoire, l’histoire, l’oubli, Paris, Seuil, 2000, p. 636.
ليصير مأسسته إمكانيات بمدى ترتبط المفهوم لهذا آراندت تصور تواجه التي المشكلة ّأن ويرى ،الصفح لمفهوم الدينية الحمولة على ريكور ّدديش -62
ذكرها في أسهبت وقد ،الصفح لفكرة )(المسيحية الدينية باألصول وعي على كانت آراندت ّأن غير .والمؤسساتية الوظيفية الناحية من ًامؤطر ًالفع
أصولها مدار خارج الصفح فكرة في التفكير يمكن أال :المطروح السؤال يبقى لذلك .السياسي للفعل ّنةوالمك األبعاد ضمن الصفح مكانة عن حديثها عند
ورؤيته الديني الفكر دائرة في ،اآلخر صورة وتحديد اإلنسانية العالقات مجال في أهميته على ،المفهوم لهذا تأصيل ُحصر الخطأ من أليس الدينية؟
والحقيقة؟ اإلنسان إلى
63- H, Arendt, Condition de l’homme moderne. O p. cit p. 303.
15. 15
فازيو نبيل
www.mominoun.com اإلنسانية والعلوم الفلسفة قسم
الملكة هاّنفإ ،ًتاريخيا ًحدثا البداية تصير أن وقبل .بها تبعث أن ًأبدا للنهاية يمكن ال التي الوحيدة »«اإلشارة
هذه جديدة والدة ّكل ُتضمن ،)...( السياسية الناحية من اإلنسان لحرية مماهية وهي اإلنسان؛ عند األرقى
.64
»الحقيقة في إنسان ّكل هي األخيرة فهذه ،البداية
للشرط السياسي المضمون عن تعبير خير )(الكالم بالنطق الفعل عالقة عن آراندت حديث يبقى -ج
يبقى الفعل ّأن معتقدة ،والمطابقة المماهاة ّدح إلى بينهما الصلة أواصر بيان في ذهبت إذ عندها؛ اإلنساني
ويمكن بل ،به القائمة هَتذا وإنما ،للغة بفقدانه انكشافه سمة ،فقط ،يفقد «ال الذي الوحيد اإلنساني النشاط
غير ًأفعاال ينفذون آليين رجال مجرد بل ناس ،الحالة هذه في ،هناك يبقى لن هّنأ ،الحالة هذه في ،نزعم أن
اشتراكهما إلى انتبهنا متى يتأتى والنطق الفعل بين الربط ّأن القول هذا يعني .65
»إنساني منظور من مفهومة
،وانكشافه الوجود إلظهار ًةقو ،فيلسوفتنا إلى بالنسبة ،اللغة كانت لذلك ،والظهور االنكشاف خاصية في
بذلك ًمتجاوزا ،الوجود مسكن اللغة اعتبر الذي هيدجر أستاذها رؤية عن ًكثيرا تبتعد ال هذا بموقفها وهي
قرينة فهي ،لإلنسان السياسي ُعدبال كشف على هاُقدرت اللغة من يعنيها ما ّأن غير .66
للغة األداتي التصور
سيكون لذلك .68
)(الوجود؟ الكينونة يسكن الذي الصمت قرينة هي ّامم أكثر ،67
الذات مع والتواصل الفعل
،الكشف فكرة على ًمعا ارتكازهما لمجرد اللغة من وآراندت هيدجر موقفي بين الخلط الصواب مجانبة من
ّإن بالقول فيلسوفتنا موقف يرفض أن لمعترض يمكن .69
الحقيقة جوهر السوداء الغابة فيلسوف اعتبرها التي
نحو على تداولها ّميت عندما عفويتها من ًبعضا تفقد وهي ،وعفويته الفعل عن للكشف وسيلة ًدائما ليست اللغة
يلحظ ال االعتراض هذا ّأن بيد .الرياضيات إلى بالنسبة الشأن هو كما ،العلمية المجاالت من كثير في رمزي
تعتقد هي إذ والنطق؛ التعبير على والقدرة العمومي الفضاء بين العالقة على اإلنساني الشرط صاحبة تشديد
الالمتوقع على واالنفتاح الغير مع التواجد حيث ،السياسة مجال داخل عنها محيد ال ضرورة يغدو النطق ّأن
.واإلقصاء العنف مع الصمت يتماهى وحيث ،اإلنساني الفعل يسم ما ّمأه هو
-الوسيلة مقولة من ًانطالقا السياسي الفعل إلى النظر آراندت ترفض أن ،هاته والحال ،الطبيعي من كان
استحضرنا متى فهمه يمكن ٌأمر وهذا ،والالتوقع العفوية لفكرة مجافاتها من ذلك في لمسته لما ،الغاية
الوعي منها انتهل التي المسبقة األحكام جملة في كان والوسيلة الغاية مقولة في السياسة اختزال ّأن اعتقادها
نظرة عليها تأسست التي المرتكزات جملة في يبقى كما ،السياسة عن الخاطئ تصوره بلورة في الغربي
ماركس لتصور آراندت تحليل من يستشف أن يمكن كما ،ومجالها السياسة إلى الغربي السياسي الفكر
64- H, Arendt, Le système totalitaire, op, cit, p. 312.
65- H, Arendt, La condition de l’homme moderne, op, cit, p. 235.
66- M. Heidegger, Essais et conférences, Paris, Gallimard, 1958, p.227.
67- H, Arendt, Vies politiques, op, cit. p. 99.
68- M, Heidegger, Concepts fondamentaux, Paris, Gallimard, 1985, p. 88.
69- M, Heidegger, Question 1 et 2, Paris, Gallimard, 1968, p. 179.