SlideShare a Scribd company logo
1 of 19
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                    ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                     ‫جمع وترتيب واس‬




                        ‫كفاحي - آدولف هتلر‬

                            ‫آدولف هتلر‬
                           ‫)9881 - 5491(‬
                                 ‫تمهيد :‬
    ‫قد يكون آدولف هتلر اهم الشخصيات السياسية في القرن العشرين .. ومن‬
‫المعروف ان وجود صورته على ظهر كتاب يزيد مبيعاته بنسسبة 02% . وقد ُلد‬
  ‫و‬
 ‫كما يقص في مذكراته لسرة متواضعة ، وعاش جل اعوام طفولته وشبابه الول‬
 ‫خارج المانيا. ثم عاد لوطنه الم وساهم في تاسيس الحزب النازي. وخلل عشرة‬
                        ‫اعوام ، بات قائدً للمة اللمانية.‬
                                        ‫ا‬
 ‫في كفاحي، يقص هتلر حكاية صراعه في سبيل الوصول للفلسفة التي يؤمن بها‬
 ‫ل‬
 ‫او ً ، ثم الكفاح في سبيل تحقيق ما يعتبره طموحات الشعب اللماني. نختار او ً‬
                                                                         ‫ل‬
‫وصف هتلر لطفولته الباكرة وحياته السرية الباكرة ثم معاناته من الفقر المدقع في‬
        ‫فيينا ، وصولً الى آرائه التي لم يغيرها ابدً بشأن القضية اليهودية‬
                               ‫ا‬



         ‫كفاحــــــــــــــــــــــــــي‬
                           ‫الفصل الول :‬
                              ‫طفولتي‬
 ‫يبدو وكأن القدر تعمد اختيار براوناو موقع ً لولد فيه : فتلك المدينة الصغيرة تقع‬
                                     ‫ا‬
 ‫على الحدود بين دولتين سعينا نحن الجيل الجديد لتوحيدهما بكل ما لدينا من قوة.‬
‫فلبد من عودة المانيا النمساوية للوطن الم ، وليس بسبب أي دوافع اقتصادية. بل‬
‫وحتى ان الحق التحاد اضرارً اقتصادية، فلبد منه. دمائنا تطلب وطن ً واحدً ، ولن‬
       ‫ا‬    ‫ا‬                                      ‫ا‬
‫تستطيع المة اللمانية امتلك الحق الخلقي لتحقيق سياسة استعمارية حتى تجمع‬
  ‫اطفالها في وطن واحد. وفقط حين تشمل حدودنا آخر الماني، ول نستطيع تامين‬
‫رزقه، سنمتلك الحق الخلقي في احتلل اراض اخرى بسبب معاناة شعبنا. سيصير‬
 ‫السيف اداة الحرث ، ومن دموع الحرب سينبت الخبز للجيال القادمة. وهكذا يبدو‬
  ‫لي ان هذه القرية الصغيرة كانت رمزاً للمسؤلية الغالية التي انيطت بي ، ولكن‬


                                      ‫1‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                    ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                     ‫جمع وترتيب واس‬

 ‫ا‬
 ‫هنالك صورة بائسة اخرى تذكرنا تلك المدينة بها. فقبل مائة عام، كانت مسرح ً‬
 ‫لكارثة ماساوية ستخلد في صفحات التاريخ اللماني. فحين انحطت الوضاع الى‬
‫اسوء حال ممكن تحت وطئة الحتلل الفرنسي، استشهد جوهانا، بائع الكتب، في‬
‫سبيل الوطن الذي احبه. وقد رفض التخلي عن شركائه وشجب الذين كانوا افضل‬
‫منه في قدراتهم. وقد ابلغ احد ضباط الشرطة اللمان عنه الفرنسيين ، وبقى العار‬
                          ‫ملحق ً باسمه حتى الساعة.‬
                                               ‫ا‬

 ‫في هذه المدينة الصغيرة، المضيئة ببريق الشهادة في سبيل الوطن، والتي حكمتها‬
    ‫النمسا وان كان دم شعبها الماني ً ، عاش والدي في آواخر الثمانينات من القرن‬
                                                ‫ا‬
‫ا‬
‫الماضي: وبينما كان والدي موضف ً حكومي ً، رعت امي افراد السرة. ولم بيق حالي ً‬
                                         ‫ا‬      ‫ا‬
   ‫في ذاكرتي سوى القليل عن هذا المكان لننا سرعان ما رحلنا منه لبلدة باسو في‬
                                       ‫المانيا.‬
 ‫وخلل تلك اليام كان التنقل مصيراً محتوم ً على الموظف. وهكذا انتقل والدي مرة‬
                                        ‫ا‬
   ‫ثالثة الى لينز، وهناك اخيرً تمت احالته على التعاقد. ولكن ذلك لم يعن له الراحة‬
                                                     ‫ا‬
   ‫ابدً. فمنذ طفولته كان ل يطيق البقاء في المنزل بل عمل، وهرب في سن الثالثة‬ ‫ا‬
   ‫عشر الى فيينا وتعلم حرفة وحصل على التجربة والنجاح قبل سن السابعة عشر،‬
    ‫ولكنه ما قنع بكل هذا ، بل ان معاناة العوام الولى دفعت للسعي وراء مستقبل‬
‫افضل . وهكذا بحث على وظيفة حكومية، وبعد عشرين عام ً من الصراع الدؤوب ،‬
                        ‫ا‬
    ‫عثر عليها. وهكذا حقق قسمه القديم ، وهو ال يعود لقريتة الصغيرة ال بعد ان‬
                               ‫يكون قد كون نفسه.‬
   ‫حقق الرجل حلمه ، ولكن ل احد في القرية تذكر الطفل الذي هاجر ، بل وبدت له‬
 ‫قريته غريبة تمام ً ، وكانه يراها لول مرة. واخيرً، وفي سن السادسة والخسين،‬
                               ‫ا‬                              ‫ا‬
  ‫بعد تقاعده، ما استطاع احتمال الفراغ، فاقتنى مزرعة وعمل في زراعتها كما فعل‬
                                  ‫اجداده من قبل.‬
‫وخلل تلك الفترة تكونت داخلي بوادر الشخصية الولية. اللعب في الحقول، المشي‬
 ‫الى المدرسة، وخصوص ً الختلط مع اصدقائي العنيفين الذي اقلقت علقاتي معهم‬
                                                         ‫ا‬
 ‫والدتي، كل هذه جعلتني من النوع النشط الذي ل يرتاح للبقاء في المنزل. وبالرغم‬
  ‫من عدم تفكري بالحرفة المستقبلية، ما كانت عواطفي ابدً تتجه نحو المسير الذي‬
                          ‫ا‬
‫اتخذه والدي لنفسة. اؤمن باني حتى آنذاك تمتعت بقدرات بلغية مميزة ظهرت في‬
    ‫شكل حوارات عنيفة مع زملء الدراسة. بل وبت زعيم ً لمجموعة: ونجحت في‬
                            ‫ا‬
    ‫المدرسة بالفعل ، ولكني كنت شديد المراس. اشتركت في النشاطات الكنائسية ،‬
  ‫واسكرتني عظمة هذه المؤسسة العريقة. وبدا لي القس مثا ً لما ينبغي ان اكونه،‬
                      ‫ل‬
  ‫كما بدا لوالدي من قبل. ولكن الخير فشل في التعامل مع قدرات ابنه البلغية وما‬
            ‫استطاع تصور مستقبل ممكن له، بل واقلقه هذا الوضع كثيرً.‬
             ‫ا‬
   ‫هذا الحلم الكنائسي تخلى عني سريع ً ، بعد ان عثرت على بعض الكتب العسكرية‬
                                              ‫ا‬
‫التي وصفت العارك بين فرنسا والمانيا عام 0781 - 17. عشقت هذه النصوص ،‬
   ‫وصارت الصرعات البطولية النشاط الفكري والخيالي الساسي لكياني. ومنذ ذلك‬


                                       ‫2‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                   ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                    ‫جمع وترتيب واس‬

  ‫الوقت صرت اعشق كل ما له علقة بالجنود. ولكن السئلة الصعبة بدأت تفرض‬
   ‫نفسها على فكري : هنل هناك فوارق - بين اللمان الذين خاضوا تلك المعارك‬
 ‫والخرين؟ ولماذا لم تشترك النمسا فيها؟ ولماذا لم يطلب من والدي الشتراك؟ ال‬
 ‫ننتمي جميع ً لذات الوطن؟ ال ننتمي سوية؟ بدأت هذه التساؤلت تشغل بالي لول‬
                                                                   ‫ا‬
‫مرة. طرحت السئلة واجابوني بحذر قائلين ان اللمان غير المحظوظين ل ينتمون‬
 ‫لذات الدولة التي اسسها بسمارك ، وكان هذا الوضع عسيرً على الفهم ، ثم قالوا‬
                        ‫ا‬
                    ‫لي ان الوان قد حان للذهاب للمدرسة الثانوية.‬
 ‫اكد والدي انه يرغب في ان اذهب لمدرسة خاصة لعداد الموظفين. فهو - بسبب‬
 ‫تجاربه الحياتية - ما راى طائ ً وراء المدارس العادية. كانت رغبته هي ان اصير‬
                                                   ‫ل‬
     ‫موظف ً حكومياً مثله ، بل وافضل لنني كنت ساتعلم من اخطائه واستفيد من‬
                                                                     ‫ا‬
   ‫تجاربه ، لنه تصور استحالة ان ارفض السير على دربه، كان قراره واضح ً ،‬
     ‫ا‬
     ‫مؤكدً. معاناة عمر طويل ومشاق الحياة وهبته طبيعة متعسفة. وبدا له من‬
                                                                      ‫ا‬
‫المستحيل ان يترك المر لبنه غير المجرب ، الغير قادر على احتمال المسئوليات.‬
 ‫بل وتصور انه سيكون مذنب ً ان لم يستخدم سلطته لتحديد مستقبله، وراى ان هذه‬
                                                      ‫ا‬
                        ‫مسؤولية تحتمها عليه الوظيفة البوية.‬
  ‫ومع ذلك سارت المور بطريقة مغايرة: فقد رفضت الفكرة بشكل قاطع، وما كان‬
 ‫عمري اكثر من احدى عشر سنة. ولم ينجح الترغيب او الترهيب كليهما في تغيير‬
‫رايي. وكل مساعي والدي الذي قص علي قصص ً عن تجاربه في العمل ، راجي ً ان‬
    ‫ا‬                               ‫ا‬
  ‫اقنع به واحبه، ادت لنتائج عكسية. تثائبت واهنا اذ تصورت انني ساقضي العمر‬
                                   ‫ً‬
    ‫امام مكتب ، بدون ان يكون وقتي ملك ً لي، قاضي ً حياتي في تحويل الدنيا الى‬
                                ‫ا‬          ‫ا‬
‫فراغات يقوم احدهم بملها في صورة طلب او وظيفة. واي افكار كان يمكن لمشهد‬
  ‫كهذا ان يخلقه في نفس طفل طبيعي؟ الوظائف المدرسية كانت سهلة ، وامتلكت‬
    ‫الوقت الحر لدرجة ان الشمس عرفتني اكثر من حيطان حجرتي. وحين يبحث‬
  ‫ل‬
  ‫اعدائي السياسيين في الماضي البعيد، ويعثرون على ما يؤكد ان هتلر كان طف ً‬
   ‫شقي ً ، اشكر ال على انهم قد اعادوا لفكري ذكريات بعض تلك اليام السعيدة.‬
                                                                        ‫ا‬
‫الغابات والحقول باتوا حلبات الصراع التي قضيت فيها حياتي ، والمدرسة الجديدة‬
    ‫لم تغير هذا الوضع ، وطالما كانت معارضتي الساسية لفكرة والدي نظرية ،‬
  ‫استطعنا التعايش سوي ً. فقد احتفظت بارآئي الخاصة، وما خالفته بصوت مرتفع.‬
                                                          ‫ا‬
 ‫ولكن – وفي سن الثانية عشر – بدأت اطمع في ان اصير رسام ً. ومع ان والدي‬
                   ‫ا‬
        ‫كان يشجع هذه الهواية، ال انه لم يتصور ابدً ان اسير في هذا التجاه.‬
                                 ‫ا‬


                                  ‫-"رسام"؟‬

  ‫تشكك حتى في عقلي ، وربما تصور انه لم يفهم ما اعنيه. ولكن بعد ان فهم ،‬
‫عارض الفكرة بكل ما في طبيعته من عناد. "رسام! فقط بعد موتي.“ ولكنة اكتشف‬
 ‫ان ابنه قد ورث منه ذات العناد. وهكذا بقي الحال زمن ً طوي ً . وما كانت النتائج‬
                    ‫ل‬     ‫ا‬


                                      ‫3‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                      ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                       ‫جمع وترتيب واس‬

    ‫طيبة. فقد اصابت المرارة نفس الرجل الكبير، وما كان باستطاعتي الرضوخ له.‬
‫وهكذا حين اكد استحالة دراستي للفن، قررت ايقاف الدراسة بشكل عملي، متصوراً‬
 ‫انه حين سيرى فشلي الدراسي ، سيسمح لي بالسير في التجاه الذي اختاره. كانت‬
     ‫نتائجي المدرسية آنذاك غير طبيعية: فكل ما له علقة بالرسم جلبت فيه افضل‬
      ‫النتائج، وفي الباقي اسوءها. ولكن انجازاتي كانت مميزة في حقلي الجغرافيا‬
     ‫والتاريخ اللمانيين، لنني عشقت هاتين المادتين وكنت افضل التلميذ فيهما ،‬
       ‫وحين اتطلع لتلك المرحلة الن، بعد مرور السنوات الكثيرة، الحظ حقيقتين‬
      ‫هامتين: فاو ً ، صرت قومي ً، وثاني ً ، تعلمت معنى التأريخ. ففي دولة متعددة‬
                                               ‫ا‬     ‫ا‬            ‫ل‬
  ‫الجناس كالنمسا ، كان من الصعب جدً ان يعرف الرء معنى النتماء للمانيا. فبعد‬
                                             ‫ا‬
  ‫العارك الفرنسية اللمانية، قل الهتمام باللمان في الخارج، ونساهم البعض تمام ً.‬
   ‫ا‬
  ‫ومع ذلك، فلو لم يكن الدم اللماني طاهرً قوي ً ، لما استطاع العشرة مليون الماني‬
                                       ‫ا ا‬
     ‫ترك بصمتهم واضحة جلية في دولة تتكون من اكثر من خمسين مليون نسمة،‬
             ‫لدرجة ان الناس تصورت ان النمسا كانت دولة المانية مستقلة.‬
   ‫القليلون ادركوا قسوة الصراع الوحشي الذي خضناه للحفاظ على اللغة اللمانية،‬
   ‫المدارس اللممانية، والسلوب الخاص للحياة: اليوم فقط، حين يحلم المليين من‬
  ‫اللمان بالعودة للوطن الم، ساعين على القل للحفاظ على لغتهم القوية، يدرك جل‬
   ‫الناس صعوبة هذا الصراع، وربما يقدر بعضهم اهمية هؤلء الفراد الذين حموا‬
    ‫الوطن من الهجمات من الشرق، وحاربوا من اجل ابقاء اللغة المشتركة حين ما‬
     ‫اهتمت الحكوات اللمانية ال بالمستعمرات البعيدة ، متناسية معاناة اللمان في‬
   ‫الجوار. وحتى الطفال اشتركوا في الصراع القومي: اذ رفضنا ترتيد الغاني غير‬
 ‫اللمانية، وارتدينا الثياب التقليدية ، بالرغم من التهديد والعقوبات. فمنذ طفولتي لم‬
   ‫يعني شعور ”الوطنية“ أي شيء لي، بينما عنت المشاعر القومية كل شيء. وقد‬
       ‫كانت دراسة التاريخ دافع ً قوي ً لخلق الحس القومي، نظرً لعدم وجود تاريخ‬
                        ‫ا‬                         ‫ا ا‬
    ‫نمساوي مستقل. بل ان مصير هذه الدولة مرتبط بالمانيا لدرجة ان ظهور تاريخ‬
    ‫نمساوي خاص يبدو مستحي ً. فتقسيم المانيا لموقعين هو في حد ذاته جزء من‬
                                                     ‫ل‬
                                   ‫التاريخ اللماني.‬
‫ضرورة توحيد اللمان والنمساويين كانت نتيجة حلم ً بقي في قلوب الجماهير بسبب‬
                                 ‫ا‬
  ‫تذكرها للتاريخ الذي كان بئراً ل ينضب. وخاصة في اوقات النسيان ، سما التاريخ‬
              ‫فوق الثراء المرحلي وهمس الماضي للشعب باحلم المستقبل.‬
  ‫تعليم التاريخ في ما يسمى المدارس الثانوية ل يزال حتى اليوم في حال يرثى لها.‬
‫والقلة من الساتذة تفهم ان الهدف من دراسته ليس حفظ ارقام او تواريخ، مثل يوم‬
   ‫معركة، او ساعة ميلد زعيم، او حتى حين وصول ملك للسلطة. فمعرفة التاريخ‬
     ‫تعني معرفة القوى التي تسبب النتائج المسماة احداث ً تاريخية. والمعرفة هي :‬
                              ‫ا‬
              ‫القدرة على تذكر الساسي ، ونسيان كل ما هو غير ضروري.‬
   ‫وقد يكون احد اهم اسباب تشكيل شخصيتي الحالية دراستي للتاريخ مع احد القلة‬
‫الذين عرفوا هذه القواعد وراعوها في التدريس، الستاذ ليوبلد بوتش. فقد كان ذلك‬
    ‫الرجل العجوز خيرً متقناً لمادته، وتمتع ايض ً بقدرة بلغية مميزة سحرت اللب‬
                                     ‫ا‬                        ‫ا‬


                                        ‫4‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                   ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                    ‫جمع وترتيب واس‬

‫وجعلتنا، ونحن نستمع لبعض قصصه، ننسى الحاضر، وكانه ساحر ياخذنا لعصور‬
 ‫ماضية، عبر ضباب عشرات السنين، صانع ً من الحداث التاريخية واقع ً معاش ً.‬
  ‫ا‬       ‫ا‬                         ‫ا‬
‫وقد كنا من المحظوظبن جدً لن هذا المدرس عرف كيف ينير الماضي بامثلة من‬
                                                   ‫ا‬
‫الحاضر، وكيف يجلب من الماضي وقائع تلقي الضوء على الحاضر. ونتيجة لهذه‬
    ‫القدرة فهم اكثر من غيره المصاعب التي نعانيها، واستغل مشاعرنا القومية‬
  ‫لتقويمنا، مستنشداً باحساسنا بالشرف للنتماء للوطن. وبهذه الطريقة نجح في‬
  ‫تهذيبنا بشكل افضل من أي اسلوب آخر ، هذا المدرس جعلني عاشق ً للتاريخ.‬
             ‫ا‬
  ‫وهكذا بت ثورياً بدون ان يسعى هو متعمداً لذلك. فمن يستطيع دراسة التاريخ‬
    ‫اللماني مع استاذ كهذا بدون ان يكره الدولة التي كادت تدمر مصير المة؟‬
 ‫الم نعرف ان النمسا ما حملت لللمان سوى البغضاء؟ الم نشاهد افعالهم كل يوم؟‬
   ‫في الشمال والجنوب كان سم الدول الخرى يدمر جسد وطننا ، وحتى فيينا تم‬
 ‫تحويلها لمدينة ل المانية. فقد حاولت السرة الحاكمة جلب سكان البلد الخرى،‬
   ‫وخصوص ً التشيك، بقدر الستطاعة، وكان مقتل السيد فرانسز فوردناد، عدو‬
                                                                 ‫ا‬
               ‫اللمان الول، على ايديهم دللة على عدالة الرب الزلي.‬

  ‫كانت الثقال التي ناء بحملها الشعب اللماني هائلة ، اذ دفعوا المال والدم ، وبل‬
   ‫فائدة . ولكن ما اغضبني ادعاء ان كل هذا نتج عن علقات متميزة بين المانيا‬
‫والنمسا، تنج عنها ان الشعب اللماني تم تديره بموافقة من الحكومة اللمانية ذاتها‬
  ‫. وكانت نتيجة هذا النفاق هو ازدياد الكرهية للحكومة اللمانية لدرجة الزدراء.‬
    ‫ولكن حكام المانيا ما فقهوا كل هذا ، ومثل رجل اعمى، عاشوا بجوار الجثة‬
 ‫متصورين في سكون الموت ماعة ميلد حياة جديدة. وهذا التصور الخاطيء ادى‬
                     ‫للحرب العالمية الولى والدمار الناتج عنها.‬

 ‫ادركت في هذه الفترة ان المة اللمانية ستبقى فقط لو تم تدمير النمسا، وما هو‬
  ‫اهم ، ان الحس القومي يتعارض كلية مع مشاعر التبجيل للملك. عرفت ان هذه‬
‫السرة الحاكمة ل هدف لها سوى اخماد نار المة اللمانية. ومع ذلك احببت النمسا‬
                            ‫كجزء من الوطن الم.‬

  ‫طبع التفكير التاريخي الذي تعلمته خلل هذه اليام ما هجرني ابدً بعد ذلك. بات‬
               ‫ا‬
‫التاريخ العالمي مورداً ل ينضب عرفت عن طريقه مغزى الحداث المعاصرة. وهكذا‬
                        ‫تحولت باكرً الى سياسي ثائر.‬
                                         ‫ا‬

 ‫ما كان المسرح سيئاً في شمال النمسا. فقد شاهدت المسرحيات المحتلفة في سن‬
                 ‫الثانية عشر ، وبعض اعمال الوبرا كذلك.‬

‫كل هذه العوامل دفعتني لرفض العمل الذي اراد والدي اعدادي له . ايقنت انني لن‬
‫استطيع الوصول للراحة النفسية في أي وظيفة حكومية. ساكون رسام ً، ولن تقدر‬
          ‫ا‬


                                      ‫5‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                       ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                        ‫جمع وترتيب واس‬

                        ‫أي قوة في العالم على جعلي موظف ً.‬
                         ‫ا‬

       ‫ومع ذلك ، تحولت مع مرور العوام الى حب المعمار اكثر من الرسم.‬

‫وعلى كل حال ، فقد تدخل القدر، واصيب والدي بالجلطة، وانتهت رحلته الدنيوية،‬
‫وتركنا جميع ً في حالة من الحزن العميق. لقد كان طموحه الخير مساعدة ابنه حتى‬
                                                               ‫ا‬
  ‫ل يعاني كما عانى ويكرر ذات الخطاء. وان لم ينجح ال ان البذور التي زرعها‬
       ‫لعبت دورها في خلق مستقبل لم يستطع هو - ول انا- ادراكه آنذاك.‬

   ‫وقد رغبت امي في ان استمر في الدراسة كما اراد والدي. ثم اصبت بمرض‬
  ‫ساعدني على التغلب على هذا الصراع المنزلي. اذ اكد الطبيب انني ل استطيع‬
  ‫البقاء في مكتب ، والح على ابتعادي عن المدرسة لعام كامل. وهكذا حققت لي‬
                       ‫القدار الهدف الذي سعيت له.‬

  ‫وافقت امي مكرهة اخيرً على ان ادرس في المعهد الفني. كانت اسعد ايام العمر‬
                                                       ‫ا‬
‫امامي - ال انها بقت احلم ً لن والدتي توفيت بعد وفاة والدي بعامين نتيجة لمرض‬
                                                     ‫ا‬
   ‫قاتل اصابها على حين غرة. احترمت والدي، ولكنني احببت امي، وقد احزنني‬
                                   ‫رحيلها كثيرً.‬
                                    ‫ا‬
‫وهكذا وجدت نفسي مضطراً لتخاذ قرارات صعبة. الموال القليلة المتبقية كانت قد‬
‫ُنفقت في علج امي، وما قدمته الحكومة لليتام ما كان كافي ً حتى لشظف العيش .‬
                      ‫ا‬                                                   ‫ا‬
                 ‫وهكذا كان امامي مسؤولية الستقلل القتصادي.‬

  ‫وضعت ثيابي القليلة في حقيبة ، وفي قلبي ارادة جديدة، واتجهت الى فيينا. مثل‬
‫والدي، قررت ان انتزع من القدر مصيراً ميزاً ، وان اكون شيئاً خاص ً ، أي شيء ،‬
               ‫ا‬
                             ‫باستثناء موظف حكومي.‬
                                                 ‫يقول هتلر في كتابه )كفاحي( :‬
             ‫اليهودي بمعونة هذا الفكر، فان نصره سيكون الدمار النهائي للنسانية.‬

  ‫ولذلك اشعر انني اتصرف بمعاونة الخالق العظيم ومن اجل تحقيق اهدافه السامية‬
          ‫لمصلحة البشرية حين ادافع عن نفسي ضد اليهودية واعلن الحرب عليها‬


                    ‫الفصل الثاني:‬
      ‫اعوام الدراسة والمعاناة في فيينا . . .‬

                ‫حين ماتت والدتي ، حدد القدر اجزاء كثيرة من مصيري المستقبلي .‬


                                       ‫6‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                    ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                    ‫جمع وترتيب واس‬



‫خلل الشهور الخيرة من مرضها ، ذهبت الى فيينا لجتياز الختيار المبدأي لدخول‬
  ‫المعهد الفني. كنت قد اعددت بعض اللوحات ، متاكدً من ان المتحان سيكون في‬
                             ‫ا‬
     ‫غاية السهولة . فقد كنت الفضل في الفصل في مجال الرسم دائم ً ، ومنذ ذلك‬
                ‫ا‬
                               ‫الوقت ، تقدمت قدراتي بسرعة، فاصابني الغرور .‬

   ‫ومع ذلك، شعرت بالمرارة لن قدراتي على الرسم الهندسي فاقت بكثير قدراتي‬
   ‫كرسام. وكل يوم كان ولعي بالفنون المعمارية يتزايد - خصوص ً بعد رحلة لمدة‬
                 ‫ا‬
‫اسبوعين قضيتها في فيينا في سن السادسة عشر. وقد كان هدف تلك المرحلة هو‬
  ‫دراسة متحف الفن، وان وجدت نظراتي تتطلع اكثر لهيكل المتحف. فمنذ الصباح‬
 ‫الباكر وحتى المساء، تجولت في الروقة متابع ً كل ما يشغف فكري، وان كان جل‬
                                ‫ا‬
   ‫اهتامي قد انصب على المتحف ذاته. لساعات وقفت امام مبنى الوبرا، وبدا لي‬
                                     ‫المكان ساحرً مثل قصور الف ليلة وليلة.‬
                                                              ‫ا‬

     ‫والن كنت في المدينة الخلبة للمرة الثانية، منتظراً على احر من الجمر نتائج‬
  ‫المتحان. كنت متاكدً من النجاح لدرجة ان سقوطي اصابني بذهول مطبق. وجين‬
                                                           ‫ا‬
 ‫تحادثت مع المسؤول، وطلبت منه التوضيح، اكد لي ان اللوحات التي قدمتها تشير‬
‫الى عدم توافر الموهبة المطلوبة للرسم لدي، وان اكد ان مجال الرسم الهندسي هو‬
‫الملئم لي ولم يصدق انني لم ادرسه البتة. مكتئباً تركت البنى، لول مرة في حياتي‬
                                                  ‫غير عارف بما يجدر بي فعله.‬

   ‫عرفت الن انه لبد لي ن دراسة الهندسة . وكان الطريق صعب ً: فكل مارفضت‬
                  ‫ا‬
 ‫دراسته خلل صراعي مع والدي بات ضروري ً. ما كان ممكناً دخول كلية الهندسة‬
                                  ‫ا‬
                ‫بدون الشهادة الثانوية. وهكذا بدا ان حلمي الفني لن يتحقق ابدً.‬
                 ‫ا‬

     ‫حين عدت لفيينا مرة تالثة، بعد وفاة والدتي، كان الطموح والعناد قد عادا لي.‬
      ‫قررت ان اصير مخطط ً هندسياً ، وكل الصعاب كانت التحدي الذي لبد لي من‬
                                                          ‫ا‬
   ‫اجتيازه. كنت مصمماً على مواجهة العقبات، وامامي صورة ابي، الذي بدأ حياته‬
      ‫مصلح ً للحذية ، وصعد بجهوده الخاصة الى موقع حكومي جيد. توفرت لدي‬   ‫ا‬
  ‫امكانيات اكثر، وهكذا بدا ان الصراع سيكون اسهل، وما بدا لي آنذك سوء الحظ،‬
  ‫امتدح اليوم كمساعدة القدر الحكيم. فبينما ازدادت معاناتي اليومية، ازدادت ارادة‬
   ‫المقاومة داخل ذاتي وفي نهاية المطاف تفوقت على غيرها من العوامل . تعلمت‬
 ‫خلل تلك اليام الشدة ، وتحولت من طفل مدلل الى رجل ُذف به الى قلب المعاناة‬
                         ‫ق‬
   ‫والفقر المدقع. ومن ثم تعرفت على اولئك الذين سادافع عنهم في ايام مستقبلية.‬

  ‫خلل تلك المرحلة ادركت وجود خطرين مدقعين يحيطان بالشعب اللماني، وهما‬
‫اليهودية والشيوعية. ول تزال فيينا، التي يتصورها الكثيرني مدينة اللذات البريئة،‬


                                      ‫7‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                   ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                    ‫جمع وترتيب واس‬

         ‫تجلب لذهني اسوء صور المعاناة النسانية التي عرفتها لمدة خمسة اعوام‬
                       ‫اضطررت خللها للعمل ، او ً كمستاجر يومي، ثم كرسام.‬
                                                  ‫ل‬

 ‫ما جلبته من مال ما كفى حتى لشباع الجوع اليومي. كان الجوع صديقاً لي آنذاك،‬
      ‫وما تركني للحظة، بل شاركني في كل شيء. كل كتاب اقتنيته ، وكل مسرحية‬
     ‫شاهدتها، جعلته اقرب الي. ومع ذلك، درست خلل تلك اليام اكثر من أي فترة‬
  ‫اخرى. باستثناء زياراتي النادرة للوبرا التي دفعت ثمنها جوع ً ، ما كان لدي أي‬
                   ‫ا‬
      ‫لذة سوى القراءة. وهكذا خلل تلك الفترة قرات كثيراً وبعمق. كل وقت الفراغ‬
   ‫المتاح لي بعد العمل قضيته في القراءة، وبهذه الطريقة جمعت خلل بضع اعوام‬
                                             ‫المعارف التي تغنيني حتى الساعة .‬

 ‫خلل تلك العوام، تكونت في ذهني صورة للعالم تبقى القاعدة التي استخدمها في‬
 ‫كل قرار اتخذه ، وكل تصرف اقوم به. وانا اليوم مقتنع بان كل سلوكياتنا تنبع من‬
   ‫آراء تنتج اثناء شبابنا. فحكمة النضوج تحوي الراء الخلقة التي ينتجها الفكر‬
 ‫الشاب ول يمكن تطويرها آنذاك، مضاف ً لها الحذر الذي يتعلمه النسان بالتجربة.‬
                                          ‫ا‬
     ‫وهذه العبقرية الشبابية ستكون الداة الساسية لخطط المستقبل، التي سيمكن‬
                                  ‫تحقيقها فقط لو لم تدمرها تمام ً حكمة النضج.‬
                                                 ‫ا‬

      ‫كانت طفولتي مريحة، بل قلق يذكر. كنت انتظر مجيء الصباح، بل أي معاناة‬
     ‫اجتماعية. فقد انتميت لطبقة الراسمالية الصغيرة ، وكنت لهذا السبب بعيدً عن‬
          ‫ا‬
 ‫الطبقات العاملة. وبالرغم من ان الفرق القتصادي بين الطبقتين كان محدودً ، ال‬
        ‫ا‬
          ‫ان الفاصل بينهما كان شاسع ً . وقد يكون سبب العداء بين الطبقتين هو ان‬
                                                     ‫ا‬
‫الموظف، الذي ما استطاع ال بصعوبة ترك الطبقات العاملة ، يخشى من العودة الى‬
      ‫ا‬
      ‫تلك الطبقة المحتقرة، او على القل ان يتصوره الناس جزءً منها. هناك ايض ً‬
                         ‫ا‬
   ‫الذكريات المخيفة للفقر، وانعدام المعايير الخلقية بين الطبقات المنحطة، وهكذا‬
  ‫يخشى الراسمالي الصغير أي اتصال مع هذه الطبقة. وهذا الصراع عادة يدمر كل‬
            ‫شعور بالرحمة. فصراعنا للبقاء يدر عواطفنا لولئك الذين تخلفوا ورائنا.‬

‫اشكر القدر الذي اجبرني على العودة لعالم الفقر والخوف، لن التجربة ازاحت عن‬
 ‫عيوني غشاء نتج عن تربية الرأسمالية الصغيرة. عرفت الن معاناة النسانية ،‬
              ‫وتعلمت التفرقة بين المظاهر الفارغة والكائن الموجود في داخلها.‬

     ‫كانت فيينا التي شاهدتها احدى اكثر مدن اوروبا تخلف ً. الثراء الفاحش والفقر‬
                             ‫ا‬
 ‫المدقع تجاورا. في مركز المدينة وحاراتها شعرت بنبض 25 مليون ً . اما المحكمة‬
               ‫ا‬
                      ‫الفخمة والمناطق المجاورة لها، وخصوصاً المباني الحكومية،‬

      ‫فجذبت لها الذكاء والثراء. وهذه المناطق كانت كل ما يوحد الشعوب المختلفة‬


                                      ‫8‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                   ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                    ‫جمع وترتيب واس‬

 ‫الموجودة في هذه الدولة. فالمدينة كانت العاصمة الثقافية والسياسية والقتصادية.‬
‫مجموعة مديرى الشركات العامة والخاصة، موظفي الحكومة، الفنانين، والمدرسين‬
 ‫والمثقفين، عاشت في مواقع قريبة بجوار الفقراء، وواجهت جيوش ً من العمال كل‬
              ‫ا‬
‫يوم. خارج القصور المعروفة تشرد الف من العاطلين، وفي ظلل اسوارها رقد من‬
                                                              ‫ل يملكون مسكن ً.‬
                                                               ‫ا‬

   ‫معرفة هذه الوضاع المزرية ودراستها لن يتم من مواقع عالية : ل احد ممن لم‬
 ‫يسقطوا في اشداق هذه المعاناة يمكن له ان يفهم المها. ومن حاولوا دراستها من‬
     ‫الخارج غرقوا في لغو الحديث والعاطفة ، وانا ل ادري ان كان تجاهل الغنياء‬
        ‫للفقير اكثر ضررً من افعال اولئك الذين يدعون الشفقة عليه بتكبر وغرور.‬
                                                            ‫ا‬
‫والنتيجة دائم ً سلبية على كل حال، بينما تزداد الوضاع سوءً. ول يجدر بالفقير ان‬
                    ‫ا‬                                          ‫ا‬
                                 ‫يرضى بصدقة بد ً من ان تعاد له بعض حقوقه.‬
                                                           ‫ل‬

     ‫لم اعرف الفقر من بعيد: بل ذقت طعم الجوع والحرمان، ولم ادرسه بطريقة‬
 ‫موضوعية، بل خبرته داخل روحي. وكل ما استطيع فعله الن هو وصف المشاعر‬
                           ‫الساسية، وذكر بعض ما تعلمته من هذه التجارب.‬

  ‫لم يكن العثور على وظيفة صعب ً ، نظرً لفتقاري للتجربة. وهكذا اضطررت للعمل‬
                                       ‫ا‬      ‫ا‬
‫كمساعد عامل او كعامل باجر يومي. حلمت بالهجرة الى امريكا. تحررت من الفكار‬
   ‫القديمة عن الحرفة والمركز، المجتمع والتراث، وسعيت وراء أي فرصة متاحة،‬
 ‫وتقبلت أي عمل، مدرك ً ان أي عمل شريف ل يجلب العار لصاحبه. عرفت بسرعة‬
                                                     ‫ا‬
 ‫ان العمل متوفر ويمكن الحصول عليه بسهولة، ولكن يمكن ايض ً بسهولة ان يفقده‬
                 ‫ا‬
‫المرء. بدا لي ان عدم ضمان الوصول لرغيف العيش كل يوم كان اسوء ما عانيته.‬

 ‫العامل المدرب ل يجد نفسه في الشارع بيسر مثل العامل غير المحترف، ال انه قد‬
       ‫يواجه ذات المصير ايض ً. ولذلك ترى العمال يضربون عن العمل: مما يؤدي‬
                                                    ‫ا‬
                                              ‫للضرار باقتصاد المجتمع ككل.‬

 ‫ذلك الفلح الذي يهاجر الى المدينة، متخيلً سهولة العمل، وقلة ساعاته، والضواء‬
‫الكهربائية الملونة، كان قد اعتاد على نوع من الضمان بخصوص لقمة العيش. ففي‬
     ‫القرية، لن يترك عمله ال اذا ضمن لنفسه عم ً افضل منه. ونظرً لوجود حاجة‬
                  ‫ا‬              ‫ل‬
‫دائمة لليدي العاملة في الفلحة، تبقى امكانيات البطالة محدودة. ومن الخطأ تصور‬
   ‫ان الفلح الذي يهاجر للمدينة اكثر كس ً من ذلك الذي يبقى في عقر داره. العكس‬
                                       ‫ل‬
        ‫هو الصحيح: فالمهاجر عادة يكون الكثر صحة ونشاط ً. ولذلك ل يخاف من‬
                          ‫ا‬
‫مواجهة الصعاب. هو يصل ايض ً للمدينة ومعه مدخراته. ولذلك ل يخاف ان ل يصل‬
                                              ‫ا‬
    ‫للوظيفة المرغوبة من اول يوم. ولكن المور تزداد سوءً ان عثر على وظيفة ثم‬
                        ‫ا‬
‫فقدها. فالعثور على غيرها، خصوص ً في فصل الشتاء، سيكون شاق ً بل ومستحيلً .‬
               ‫ا‬                          ‫ا‬


                                      ‫9‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                    ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                     ‫جمع وترتيب واس‬

   ‫ومع ذلك، سيعيش وستعاونه الفوائد الحكومية للعاطلين. ولكن، حين تنضب هذه‬
        ‫الموارد مع مرور الوقت، ستبدأ المعاناة الحقيقية. سيتشرد الفتى الجائع في‬
      ‫الشوارع، وسيبيع او يرهن ما يملك، وستسوء حال ثيابه، وينحط الى مستوى‬
   ‫مادي وروحي في غاية التعاسة. فتتسمم روحه. وان فقد سكنه في الشتاء، وهو‬
   ‫مايحدث كثيرً ، فستكون معاناته فظيعة. وفي نهاية المطاف، سيعثر على وظيفة‬
                                                                    ‫ا‬
     ‫اخرى، ثم تتكرر ذات القصة مرة ثانية وثالثة، وشيئاً فشيئاً يتعلم عدم الميالة،‬
  ‫ويصير التكرار عادة. وهكذا يتحول هذا الرجل النشيط سابق ً الى كسول يستخدمه‬
                       ‫ا‬
    ‫الخرين لمصالحهم. وقد عاش حياة البطالة لوقت طويل بدون ذنب حتى ما عاد‬
  ‫يهمه طبيعة العمل الذي يقوم به، حتى ان كان هدفه تدمير القيم السياسية الثقافية‬
   ‫الجتماعية. وحتى ان لم تعجبه فكرة الضراب، فلن يبالي بها. وقد شاهدت الف‬
    ‫القصص المشابهة للتي اقصها. وكلما شاهدت المزيد ، ازدادت كراهيتي للمدينة‬
                                         ‫الكبيرة التي تمتص دماء الرجال وتدمرهم.‬

      ‫فحين جاءوا فرادً، انتمى كل منه للمجتمع، وبعد اعوام، ما انتموا لي شيء.‬
                                                           ‫ا‬

       ‫وانا ايض ً عانيت وعثاء حياة المدينة: شعر جسدي بصعابها وامتصت روحي‬
                                                                    ‫ا‬
‫معاناتها. وقد شاهدت ايض ً ان التنقل السريع بين العمل والبطالة، وما ينتج عنه من‬
                                                      ‫ا‬
‫تقلب اقتصادي، يدمر شعور الفرد باهمية القتصاد. بدا ان الجسد يعتاد على التبذير‬
‫حين يتوفر المال، ويستحمل الجوع حين انعدامه. وبصراحة، ان الجوع يقضي على‬
‫أي ارادة تسعى للتنظيم القتصادي حين يتوافر المال لنه يضع امام ضحيته المعذبة‬
    ‫سراب الحياة السعيدة لدرجة ان الرغبات المريضة ستدمر أي قدرة على التحكم‬
    ‫ساعة الوصول لي موارد. وهكذا حين يصل الرجل للمال ينسى كل افكار تتعلق‬
‫بالنظام والترتيب، ويعيش حياة البذخ ويسعى وراء اللذات النية. وغالب ً ما سيكون‬
           ‫ا‬
  ‫لهذا العامل زوجة واطفال وسيعتادون جميع ً على التبذير ثلث ليال من السبوع،‬
                                     ‫ا‬
 ‫والجوع باقيه. وفي ساعات الظهيرة سيجلسون سوياً امام الصحون شبه الفارغة،‬
   ‫منتظرين يوم وصول المرتب، متحدثين عنه، حالمين طوال ساعات الجوع بلذات‬
                                                                       ‫التبذير.‬

                        ‫وهكذا يعتاد الطفال منذ طفولتهم على هذه الوضاع السيئة.‬

‫وقد شاهدت هذه الوضاع مئات المرات وتقززت منها او ً، ثم فهمت حقيقة المأساة‬
                        ‫ل‬
‫التي يعيشها هؤلء الناس الذين باتوا ضحايا لظروف اجتماعية سيئة. وما كان اكثر‬
     ‫بؤساً هو اوضاع السكن السيئة . بل انني اشعر بالغضب حتى هذه الساعة حين‬
     ‫اتذكر الغرف الصغيرة والكواخ الخشبية المحاطة بالقاذورات والوساخ من كل‬
      ‫جانب. وقد خشيت ذلك اليوم المرعب، حين سيخرج هؤلء العبيد من اقفاصهم‬
                                            ‫للنتقام من قسوة البشرية عليهم.‬



                                      ‫01‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                   ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                    ‫جمع وترتيب واس‬

        ‫والمسؤولون والثرياء يتركون المور تسير على مجاريها: وبدون أي تفكير‬
   ‫يفشلون حتى في الشك بان القدر يخطط للنتقام من هذا الجور. اما انا فعرفت ان‬
 ‫تحسين هذه الوضاع ممكن بطريقتين: فلبد من وجود احساس عميق بالمسؤولية‬
       ‫لخلق اسس افضل للتقدم ، ومعه ارادة وحشية تدمر كل ما سيقف في طريقها‬
   ‫ويعوق تقدمها. وكما ل تركز الطبيعة جهودها في الحفاظ على ما هو موجود، بل‬
    ‫تسعى لخلق أجيال مستقبلية افضل، سيكون من الضروري صناعة قنوات جديدة‬
                                                        ‫اكثر صحية منذ البداية.‬

     ‫تجاربي المختلفة في فينا علمتني ان المشاريع الخيرية غير مفيدة ، والمطلوب‬
‫تدمير الفوضى القتصادية التي تؤدي الى انحطاط الفراد الخلقي. بل ان عدم قدرتنا‬
 ‫على استخدام الوحشية في الحرب ضد المجرمين الذين يهددون المجتمع سببها هو‬
       ‫عدم تاكدنا من برائتنا التامة من السباب النفسية والجتماعية لهذه الظواهر.‬
   ‫شعورنا الجمعي بالذنب تجاه مآسي النحطاط الخلقي يشل قدرتنا على اتخاذ اقل‬
 ‫الخطوات قسوة في الدفاع عن مجتمعاتنا. وفقط حين نتحرر من سلطة عقدة الذنب‬
   ‫هذه سنقدر على الوصول للقوة والوحشية والضروريين لتدمير العشاب الضارة‬
                                                              ‫والفكار المارقة.‬

   ‫وبما ان النمسا كانت عملي ً بل قانون اجتماعي صالح، لم تكن الدولة قادرة على‬
                                                   ‫ا‬
                                              ‫التعامل مع هذه المراض البتة.‬

   ‫ول اعرف حتى الساعة ما ارعبني اكثر: هل كان سوء الوضاع القتصادية لمن‬
                            ‫عرفت، ام انحطاطه الخلقي، ام الضعف الفكري؟‬

 ‫تصور مث ً هذا المشهد: في شقة تتكون من حجرتين سكنت اسرة عامل تتكون من‬‫ل‬
    ‫سبع اشخاص. بين الطفال الخمسة، كان هناك طفل في الثالثة، وهو السن الذي‬
    ‫تتكون خلله انطباعات الفرد الولى. هناك بعض الموهوبين الذين يتذكرون هذه‬
 ‫النطباعات حتى ارذل العمر. مجرد ضيق الشقة وازدحامها ل يؤدي لخلق ضروف‬
    ‫صحية ونفسية ملئمة للنمو. قد تحدث مث ً خلفات بسيطة بين افراد كل اسرة،‬
                                     ‫ل‬
      ‫وعادة يذهبون كل الى حجرة مختلفة، وينتهي المر. اما في شقة صغيرة، فكل‬
‫سيرى نفسه في مواجهة الخرين طوال الوقت. بين الطفال، الخلف شيء طبيعي،‬
   ‫وهم ينسون اسبابه بسرعة. ولكن ان شاهد الطفال البوين في حال خصام دائم،‬
‫تستخدم خلله اللفاظ النابية، وربما العنف، فستكون النتائج سلبية. سيتصور الطفل‬
    ‫العالم بطريقة تخيف من يقدر على تصورها. فقد تم تسميمه أخلقيا ، وما تغذى‬
     ‫جسده كما ينبغي. ومن ثم يذهب هذا المواطن الصغير الى المدرسة. بعد صراع‬
     ‫مضن، قد يتعلم القراءة والكتابة، اما الواجب المنزلي، فانجازه مستحيل. بل ان‬
    ‫والديه سيقذعان المدرسة بابشع اللفاظ. كل ما سيسمعه الطفل لن يعلمه احترام‬
  ‫مجتمعه. سيكره المدرسين وكل انواع السلطة. وحين ُطرد من المدرسة بعد ذلك،‬
                           ‫ي‬


                                     ‫11‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                    ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                     ‫جمع وترتيب واس‬

‫سيلحظ الناس غبائه، وجهله ، وكذلك سوء أخلقه. أي موقع سيستطيع هذا الشاب‬
‫اليافع لوصول إليه في ظروف مثل هذه؟ كل ما لديه هو كراهية المجتمع والبشرية.‬
    ‫وبعد هذا، في سن الخامسة عشر، سيبدأ ذات الحياة التي عاشها والده، فيذهب‬
                    ‫للخانات، ويعود متاخرً لمنزله، وينتهي به المر في السجن.‬
                                                     ‫ا‬

  ‫وكم من مرة غضب الرأسمالي اذ سمع العامل الفقير يقول انه ل يهتم سواء اكان‬
‫المانياً ام ل، ما دام يجد الغذاء والكساء: فقدان الشعور القومي بهذه الطريقة فظيع.‬
       ‫كم من اللمان في عصرنا يشعرون بالفخر ان تذكروا انجازات امتهم الثقافية‬
  ‫والفنية؟ وهل يدرك المسؤولين ان الشعور بالفخر والعزة الوطنية ل يصل ال لقلة‬
                                                             ‫من افراد الشعب.‬

    ‫لذلك ل بد من تحسين الوضاع المعيشية ومن ان يركز التعليم على قيم اساسية‬
                                          ‫تتفشى في اذهان الناس عبر التكرار.‬

 ‫ولكن المانيا، بدلً من الدفاع عن القيم القليلة الموجودة، تسعى لتدميرها. والفئران‬
   ‫التي تبث سمومها في القلب والذاكرة تنجح في الوصول لغاياتها، بمساعدة الفقر‬
         ‫والمعاناة: يوم ً بعد يوم، في المسارح ودور السينما، نرى السم ُقذف على‬
                  ‫ي‬                                              ‫ا‬
    ‫الجماهير، ثم يتحير الثرياء عن اسباب انحطاط القيم الخلقية للفقراء، وانعدام‬
                                                          ‫الشعور الوطني بينهم.‬

  ‫قضية خلق الشعور الوطني اذً تعتمد على توفير ظروف ملئمة لتعليم الفراد لن‬
                                               ‫ا‬
‫اولئك الذين يتعلمون عن طريق السرة والمدرسة فقط هم الذين سيستطيعون تقدير‬
    ‫النجازات الثقافية والقتصادية والسياسية لوطنهم لدرجة النتماء لذلك الوطن.‬
‫استطيع ان احارب فقط من اجل ما احب، واحب فقط ما احترمه، واحترم على القل‬
                                                                   ‫ما اعرفه.‬

    ‫ومع ازدياد اهتمامي بالقضايا الجتماعية ، بدات اقرء المزيد عنها ، وفتح عالم‬
                                                               ‫جديد ابوابه لي‬

    ‫خلل العوام 0091 -0191 تغيرت اوضاعي لنني ما عدت اعمل كعامل ، بل‬
‫بدات العمل كخطاط وراسم باللوان المائية. ومع ان المال ما كان كافي ً ، ال انه كفى‬
             ‫ا‬
 ‫لتحقيق طموحي آنذاك. اذ استطعت الرجوع للمنزل وانا قادر على القراءة بدون ان‬
                  ‫يدفعني التعب من عمل اليوم للنوم فورً. بات بعض وقتي ملك ً لي.‬
                      ‫ا‬                     ‫ا‬

  ‫تصور الكثيرون انني غير طبيعي : ولكنني تابعت ما اعشق، الموسيقى والعمران.‬
    ‫كنت اجد في الرسم والقراءة كل اللذات وسهرت كثيراً حتى الصباح مع لوحة او‬
 ‫كتاب. وهكذا كبرت طموحاتي، وحلمت بان المستقبل سيحقق امالي، وان بعد حين.‬


                                      ‫21‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                     ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                      ‫جمع وترتيب واس‬

  ‫كذلك تابعت قضايا السياسة وقرات المزيد عنها لنني ارى ان التفكير في شؤونها‬
   ‫وظيفة تقع على عاتق كل مواطن يفكر. وبدون معرفة شيء عن طبيعتها ل يحق‬
                                                     ‫للفرد النقد او الشكوى.‬

      ‫ل‬
      ‫ما اعنيه بالقراءة يختلف عما يقوله دعاة الثقافة في عصرنا. فقد عرفت رجا ً‬
‫قراوا كثيراً ، ولكنه ما كانوا مثقفين. نعم، هم عرفوا الكثير من المعلومات، ولكنهم ا‬
   ‫استطاعوا تسجيلها وتنظيمها. وهكذا افتقدوا فن تمحيص القيم من الغث، والتحرر‬
  ‫مما كان بل فائدة، والحتفاظ بالمفيد معهم طول العمر. فالقراءة ليست غاية في حد‬
          ‫ذاتها، بل وسيلة لتحقيق الغايات. وظيفتها الساسية هي مل الفراغ المحيط‬
     ‫بالمواهب والقدرات الطبيعية للفراد. المفروض هو ان نقدم للفرد المعدات التي‬
   ‫يحتاجها لعمله الحياتي بغض النظر عن طبيعة هذا العمل. كذلك، يجدر بالقراءة ان‬
       ‫تقدم رؤية معينة للوجود. وفي كل الحالين، الضروري هو ال تتحول محتويات‬
  ‫الكتاب الى الذاكرة بجوار كتب لحقة، بل ان توضع المعلومة المفيدة بجوار غيرها‬
  ‫لتوضيح الرؤية الساسية في فكر القاريء. وان لم يحدث هذا، ستتجمع المعلومات‬
    ‫بشكل فوضوي في الذهن، بل قيمة سوى خلق الكبرياء. فالقاريء من هذا النوع‬
‫سيتصور انه قد عرف المزيد ، وان كان في الواقع يبتعد اكثر فاكثر عن الواقع حتى‬
  ‫ينتهي المطاف به في مستشفى المجانين.. او مجلس الشعب، وهو ما يحدث كثيرا.‬
                                           ‫وهو لن يستطيع اذً الستفادة مما قراه.‬
                                                              ‫ا‬

         ‫اما القاريء الناجح، فيستطيع بسرعة ادراك ما سيستفيد منه وترك الباقي.‬
  ‫المعلومة المفيدة ستصحح الخطاء، وتوضح الصورة الكلية. ثم، حين تضع الحياة‬
‫سؤا ً امام القاريء، ستعرف ذاكرته كيف تجلب الجزاء المطلوبة للجابة، وتقدمها‬   ‫ل‬
       ‫للعقل حتى يختبرها ويتحقق بشانها، حتى تتم الجابة على السؤال. وهذه هي‬
        ‫القراءة المفيدة. ومنذ صباي حاولت القرائة بهذا السلوب، وفي هذا المسعى‬
        ‫عاونني الذكاء والذاكرة. اما تجارب الحياة اليومية فقد دفعتني لقراءة المزيد‬
     ‫ا‬
     ‫والتفكر بشانه. وفي هذا السعى عاونني الذكاء والتجارب. وهكذا وجدتني اخيرً‬
       ‫قادرً على الربط بين النظرية والواقع ، وعلى اختبار النظرية في ظل الواقع،‬
                                                                             ‫ا‬
     ‫ونجوت بهذه الطريقة من الكبت الذي تخلقه النظرية لمن ل يعرف سواها، ومن‬
                     ‫التفاهة التي يحياها من ل يعرف سوى الواقع اليومي المعاش.‬

         ‫خلل تلك المرحلة دفعتني تجارب الحياة الى دراسة سؤالين آخرين، كانت‬
  ‫الماركسية احدها. فما عرفته عن الفكر الديمقراطي كان قلي ً وغير دقيق. آنذاك،‬
                     ‫ل‬
‫اسعدتني فكرة الصراع من اجل حقوق النتخاب. فحتى في ذلك الزمن الباكر، ادركت‬
       ‫بان هذا سيضعف من سطوة السلطة الجائرة في النمسا. وكلما زادت اللغات‬
     ‫المستخدمة في مجلس الشعب النمساوي الذي بات مثل - بابل - بدا تشتت تلك‬
                       ‫الدولة الحتمي وشيك ً ، ومعه ساعة تحرر الشعب اللماني.‬
                                                         ‫ا‬



                                       ‫31‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                  ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                   ‫جمع وترتيب واس‬

  ‫نتيجة لكل هذا، لم اتضايق من حركات الديمقراطية الجتماعية. بل ان ادعائاتها‬
‫بمساعدة الطبقات الفقيرة بدت لي من العوامل التي وقفت في صفها. ولكني رفضت‬
        ‫في هذه الحركات عدائها لكل محاولت المحافظة على الشخصية اللمانية،‬
 ‫ومغازلتها "للرفاق السلف"، الذين ما تقبلوا من افكارها ال ما سيستفيدوا منه،‬
                                                   ‫وتركوا الباقي باحتقار تام.‬

                        ‫حدث لقائي الول مع هذه الحركات خلل عملي كعامل بناء.‬

  ‫وكانت التجربة سيئة منذ البداية: كانت ثيابي نظيفة، ولغتي جيدة، وسلوكي حذرً.‬
   ‫ا‬
 ‫كنت ل ازال اسعى وراء مصيري لدرجة تجاهل الناس حولي. بحثت عن العمل فقط‬
 ‫خوف ً من الجوع، وللستمرار في الدراسة. ربما ما كانت القضية ستهمني البتة لو‬
                                                                        ‫ا‬
‫لم يطلبوا مني في اليوم لرابع النضمام لتجمعهم. ونظرً لجهلي بالموضوع، رفضت‬
                          ‫ا‬
‫موضحاً انني ل اعرف ما يكفي عنهم للنضمام اليهم. ربما لهذا السبب لم يعادونني‬
‫، بل ورغبوا في اقناعي بالنضمام الى صفوفهم. ولكنني خلل السبوعين القادمين‬
       ‫عرفت افكارهم جيدً، وما عاد باستطاعتي البتة النضمام لمجموعة بغضتها.‬
                                                           ‫ا‬

   ‫ساعة الظهيرة حين كنا نتناول الطعام في الحانة: كنت اشرب الحليب وآكل الخبر‬
   ‫في زاوية متطلع ً لهم بحذر او متاملً حظي السيء. وهكذا استمعت لهم، بل انهم‬
                                                                ‫ا‬
      ‫جاءوا بجواري حتى استمع واتخذ موقف ً. وما كان امامي منفذ آخر لن ارائهم‬
                                         ‫ا‬
    ‫اغضبتني جدً: قالوا ان الحس الوطني نتج عن اعلم الطبقات الراسمالية، وانه‬
                                                                   ‫ا‬
        ‫عبارة عن سلح يستخدمه الثرياء لستغلل العمال، والمدرسة ليست سوى‬
 ‫مؤسسة لنتاج العبيد واسيادهم، اما الدين فادعوا انه اسلوب لتخدير الشعوب حتى‬
 ‫تسهل السيطرة عليهم، والخلق ليست سوى دللة على الغباء. ما كان هناك ما لم‬
 ‫يلقونه في الوحل. في البداية لذت بالصمت، ولكنني سرعان ما بدأت باتخاذ مواقف‬
‫فكرية مخالفة، وقرأت فكرهم وناقشتهم بشانه. واستمر النقاش حتى قرروا استخدام‬
       ‫سلح يقهر العقل بسهولة: وهو البطش والرهاب. وهكذا طلبوا مني الذهاب‬
 ‫وهددوني بانهم سيلقونني في الخارج ان رفضت. وهكذا خسرت عملي، وفي نفسي‬
     ‫سؤال مرير: هل هؤلء فع ً بشر؟ وهل يستحقون شرف النتماء لمة عظيمة؟‬
                                                     ‫ل‬
  ‫وكان السؤال صعب ً. وان كانت اجابته باليجاب، فان الصراع في سبيل القومية لن‬
                                                              ‫ا‬
   ‫يستحق التضحية والمعاناة، اما ان كانت الجابة بالنفي، فان امتي ستفتقر بالفعل‬
                                                                      ‫للنسان.‬

 ‫ومن المؤكد ان مليين العمال بدأوا برفض الحركات اليسارية ، ولكن الراسماليين‬
       ‫ذاتهم دفعوهم لحضانها بطريقة مجنونة: اذ ان الثرياء رفضوا كل محاولت‬
  ‫تحسين اوضاع العمال، سواء اكان الهدف تحسين الوضاع الصحية في المصانع‬
      ‫عبر تطوير اللت، او منع عمالة الطفال، او حماية المرأة الفقيرة اثناء فترة‬
‫الحمل. وقد كان رفض هذه الفكار مخزي ً بالفعل، ودفع العمال لحضان اليسار. ولن‬
                                          ‫ا‬


                                     ‫41‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                      ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                       ‫جمع وترتيب واس‬

 ‫تستطيع الراسمالية ابدً التحرر من اضرار رفضها للصلح الذي بذر الكراهية بين‬
                                                     ‫ا‬
                             ‫الغني والفقير ودفع بالعمال الى الحزاب اليسارية.‬

‫خلل تلك الفترة، رفضت ايض ً اتحادات العمال، وان كنت خاطئ ً في هذا التجاه. ففي‬
                     ‫ا‬                                ‫ا‬
   ‫سن العشرين عرفت ان التحاد العمالي سعى للدفاع عن الحقوق الجتماعية لهذه‬
  ‫الطبقة، وان هدفه الساسي كان تحسين اوضاعها الجتماعية. فالعامل ل يستطيع‬
  ‫ان ما رضي بعمله، استبداله بآخر. فاما ان يكون تحسين الوضاع الجتماعية في‬
  ‫مصلحة المجتمع او ل يكون. وان كان ، فلبد من الصراع لتحسين هذه الوضاع.‬
         ‫ولكن العامل ل يقدر وحيدً على مواجهة قوة الراسمالي الثري. ولذلك كانت‬
                                                          ‫ا‬
‫التحادات ضرورية . ولكنها منذ بدايات القرن العشرين بدات تفقد دورها الجتماعي‬
  ‫الساسي ، ومع مرور العوام تحولت الى سلح تستخدمه الحزاب الشيوعية في‬
       ‫صراعها الطبقي. وهكذا بات هدفها تدمير اقتصاد المجتمع، وتغييره، بد ً من‬
           ‫ل‬
      ‫اصلح الوضاع السيئة - التي كان اصلحها خطرً اذ انه قد يقنع العمال بتقبل‬
                                  ‫ا‬
    ‫اوضاعهم، ول يسمح للشيوعيين باستغللهم بذات الطريقة البشعة. تطلع زعماء‬
         ‫التحادات بخوف لمكانيات الصلح لدرجة انهم رفضوا أي محاولة للتغيير‬
 ‫للفضل، وهاجموها يقسوة شديدة. ثم تقدموا بطلبات مستحيلة ما كان للراسماليين‬
 ‫بد من رفضها، ثم ادعوا ان هناك مؤامرة لتدمير العمال واستغللهم. ونظرً لضعف‬
         ‫ا‬
                                    ‫قدرات هذه الطبقة الفكرية، ما كان النجاح صعب ً.‬
                                     ‫ا‬

   ‫وهكذا عرفت طبيعة العلقة بين هذه العقيدة المدمرة والطبائع الحقيقية لناس ما‬
‫عرفت بعد أي شيء عنهم. وقد كانت معرفتي باليهود فقط هي ما اوضح لي الطبيعة‬
       ‫الحقيقية الخفية لنشاطات اتحادات العمال، الديمقراطية ظاهرً، الشيوعية في‬
                    ‫ا‬
                                                                      ‫الخفاء.‬

   ‫ل اتذكر بالضبط متى بدات بالتفكير بشكل جدي بالقضية اليهودية. ل اعتقد انني‬
  ‫استمعت لهذه الكلمة في منزلنا اثناء طفولتي. اعتقد ان والدي كان سيتضايق من‬
   ‫الهتمام بهذه القضية بل ويعتبر التركيز عليها نوع ً من انواع التخلف. وبسبب‬
                             ‫ا‬
    ‫تجاربه المختلفة، وصل لنوع من العالمية التي، بالرغم من وطنيته، اثرت على‬
 ‫بشكل ما. وما رايت في المدرسة ما دفعني لتغيير افكاري. واتذكر الن وجود شاب‬
‫يهودي معنا في المدرسة، ولم نكن نثق به بسبب تسريبه للخبار من شخص لخر.‬
                                  ‫ولكن هذا لم يدفعني للتفكير بالمر بشكل جدي.‬

‫في سن الخامسة عشر، استمعت لحوارات دينية وسياسية تناولت القضية اليهودية،‬
 ‫ولكني ضقت ذرع ً بها نظرً لطبيعتها الدينية. كان هناك بعض اليهود في لينز. ومع‬
                                                    ‫ا‬        ‫ا‬
   ‫مرور القرون، تغيرت طباعهم ومظهرهم لدرجة انني اعتبرتهم المان ً. ياللبلهة!‬
              ‫ا‬
     ‫تصورت انه ل فرق بيننا وبينهم سوى الدين. حقيقة معاناتهم للضطهاد بسبب‬
         ‫دينهم، كما تصورت واهم ً ، دفعتني للغضب حين سمعت الناس ينتقدونهم.‬
                                                      ‫ا‬


                                       ‫51‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                     ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                      ‫جمع وترتيب واس‬



                                                                ‫ثم جئت الى فيينا.‬

‫وبسبب اهتمامي بالمعمار والصعاب التي واجهتها، لم الحظ وجود مئتا الف يهودي‬
     ‫بين المليونين الذي يقطنونها. غمرتني الفكار والقيم الجديدة. وفقط مع عودة‬
     ‫الوعي والتروي وضحت الرؤية. في البداية ، اغضبتني للغاية انتقادات بعض‬
 ‫الصحف المحلية لليهود، وتصورت انها رجعة لتطرف العصور الوسيطة. وبما ان‬
  ‫المجلت المعنية ما كانت حسنة السمعة، تصورت ان القضية ل تزيد عن كراهية‬
 ‫وحسد. واكد صحة هذا الراي السلوب النبيل الذي استخدمته الصحف الكبيرة في‬
     ‫الرد على هذه التهامات، او رفضها احيان كثيرة مجرد التعليق عليها، وقتلها‬
                                                           ‫بالصمت المطبق.‬

    ‫قرات الصحافة الدولية واذهلني وسع افقها ومواضيع مقالتها. احترمت سموها‬
  ‫الفكري، وان ضايقني احيان ً ما اعتبرته نوع من النفاق على حساب الحقيقة. فقد‬
                                                     ‫ا‬
    ‫رايت مغازلة هذه الصحف للسلطة. وما حدث امر يتعلق بالحكومة، ال ووصفوه‬
‫بحماس منقطع النظير. وفي ذات الن، كانوا احيان ً يهاجمون الحكومة القيصرية في‬
                              ‫ا‬
      ‫المانيا. كانت موضوعيتهم اذً عبارة عن احترام مصطنع لتفاقية بين دولتين.‬
                                                   ‫ا‬
       ‫شعرت بسطحية هذه الصحافة، وبدات الحظ نقاط ضعفها. قراتها الن بحذر،‬
   ‫ولحظت ان الصحافة المعادية لليهود، كانت اكثر صراحة احيان ً. بل ان بعض ما‬
                   ‫ا‬
                                    ‫ُشر على صفحات الخيرة كان يدفع للتفكير.‬‫ن‬

      ‫وفي يوم لحظت يهودياً في شوارع فيينا وتطلعت له متسائ ً: هل هذه الرجل‬
                    ‫ل‬
      ‫الماني؟ كالعادة قمت بالقرائة عن هذا الموضوع، وكانت الكتب سيئة. الكتاب‬
‫تصوروا ان القاريء يعرف كل ما هو ضروري عن اساسيات الموضوع، وجله قدم‬
    ‫افكارً غير علمية البتة. تراجعت، وخشيت ان تتكون لدي اراء غير عادلة بهذا‬
                                                                      ‫ا‬
                                                                     ‫الشان.‬

    ‫ما بات واضح ً لي هو ان اليهود ما كانوا المان ً ، بل شعب ً خاص ً. فمنذ ان بدأت‬
                  ‫ا‬     ‫ا‬          ‫ا‬                                ‫ا‬
   ‫بدراسة الموضوع بت الحظهم. وكانت تصرفاتهم واخلقياتهم واشكالهم تخالف‬
 ‫تماماً اللمان العاديين. بل انني عرفت ان هناك بينهم حركة تدعى الصهيونية تؤكد‬
‫على انهم شعب خاص. وكان واضح ً ان بعضهم وافقوا على هذه الفكرة، وعارضها‬
                                               ‫ا‬
    ‫آخرين. ولكن المعارضين للصهيونية بدوا لي كاذبين لنهم ما رفضوا الصهاينة‬
     ‫كمارقين، بل كيهود يقدمون افكارً خطيرة واساليب ضارة للتعبير عن هويتهم‬
                                                  ‫ا‬
                     ‫الدينية. وهكذا كانوا جميهاً جسدً واحدً ، الصهاينة وغيرهم.‬
                                             ‫ا‬      ‫ا‬

  ‫خلل فترة قصيرة تقززت من الحوار بين اليهود الصهاينة واليهود غير الصهاينة‬
 ‫لن الحوار بدا لي مبنياً على خداع كاذب ل يتلئم مع السمو الخلقي والطهارة التي‬


                                       ‫61‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                    ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                     ‫جمع وترتيب واس‬

                                                   ‫يدعيها الشعب المختار لنفسه.‬

 ‫ثم لحظت ايض ً الدور الذي يلعبونه في الحياة الثقافية: ول ادري هل يوجد اي نوع‬
                                                                ‫ا‬
‫من انواع الفساد الخلقي والثقافي بدون ان يكون احدهم وراءه. لحظت دورهم في‬
   ‫الصحافة، الفن، الدب ، المسرح. لم احتاج سوى لقراءة السماء وراء كل انتاج‬
 ‫ا‬
 ‫يسعى لهدم البنية الخلقية للمجتمع، وفي جميع الميادين. ان انتجت الطبيعة واحدً‬
    ‫مثل جوثة، فهناك مقابله الف من هؤلء الذين يبثون السموم في ارواح الناس.‬
                        ‫وبدا كأن الطبيعة قد خلقت اليهود للقيام بمثل هذه الدوار.‬

   ‫تسعة اعشار القذرات في ميداني الدب والمسرح انتجها الشعب المختار، وهم ل‬
  ‫يزيدون عن 1% من السكان. اما الصحافة الدولية التي احببتها يوماً فكان غالب‬
       ‫كتابها منهم. ادركت الن ان اسلوبهم الموضوعي في الرد على مهاجميهم ،‬
 ‫والتزامهم الصمت احيان ً، ما كانا سوى خداع ً يهدف للسيطرة على الناس. لحظت‬
                                    ‫ا‬                   ‫ا‬
‫ان العمال المسرحية والدبية التي يمتدحونها هي التي يقدمها اليهود، اما العمال‬
         ‫الدبية اللمانية، فانتقدوها دائماً بقسوة بالغة. ما اختبا وراء الموضوعية‬
                                ‫المصطنعة كان العداوة الشديدة لكل ما هو الماني.‬

                                                ‫ولكن ، لمصلحة من كان كل هذا؟‬

                                                      ‫هل كان كله محض صدفة؟‬

                                                      ‫بت غير واثق شيئاً فشيء.‬

       ‫ثم لحظت الخلقيات اليهودية في الشارع. علقتهم بالدعارة، بل وباستعباد‬
 ‫البيض، كان واضح ً جدً في فيينا. وهكذا حين ادركت ان اليهودي هو ذلك المرابي‬
                                                       ‫ا ا‬
    ‫البارد القلب، المنعدم الحياء، الذي يستثمر امواله في هذه التجارة الفاسدة التي‬
                                         ‫تدمر المجتمع، ارتعشت اطراف جسدي.‬

‫بدات بمناقشة القضية اليهودية، وتعودت ان اراهم في مختلف فروع الحياة الثقافية.‬
  ‫ولم استغرب حين عرفت ان زعيم الحزب الديمقراطي الذي تحدثت عنه اعله كان‬
                                                                     ‫يهودي ً.‬
                                                                      ‫ا‬

       ‫وحتى في علقاتي اليومية مع العمال، لحظت قدراتهم المذهلة على تقبل اراء‬
 ‫متعاكسة، متذبذبين بين اتجاه واخر احيان ً خلل ساعات او ايام محدودة. لم استطع‬
                                          ‫ا‬
      ‫ان افهم كيف يمكن لناس، حين تتحدث مع احدهم ، يبدو لك منطقياً واقعيا، ان‬
  ‫يتحول فجاة تحت تاثير رفاقه لراء معاكسة لكل منطق. احيان ً شعرت بالياس التام‬
                        ‫ا‬
    ‫المطبق. فبعد ساعات قضيتها في حوار مضني، شعرت بانني ساعدت في تحرير‬


                                      ‫71‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                     ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                      ‫جمع وترتيب واس‬

   ‫احدهم من هراء آمن به، وسعدت لنجاحي، ولكني سمعته يكرر ذات الهراء ثانية‬
                                       ‫صباح اليوم التالي، وذهب جهدي هباء.‬

 ‫فهمت انهم ما كانوا قانعين باوضاعهم وبغضوا القدر الذي عاملهم بقسوة شديدة ،‬
      ‫والرجال الذي بخسوهم الجر وما فهموا معاناتهم، وانهم تظاهروا ضد ارتفاع‬
   ‫السعار، كل هذا كان مفهوم ً. ولكن ما ل افهمه كان كراهيتهم لجنسهم ووطنهم،‬
                                                  ‫ا‬
  ‫واحتقارهم له، وتدميرهم لتاريخه. كان هذا الصراع ضد جنسهم وقبائلهم وبلدهم‬
                      ‫تدميراً للذات. وان امكن معالجتهم منه، فلساعات محدودة.‬

   ‫ثم لحظت ان صحافة الديمقراطيين تحكم فيها اليهود: ومع ان ظروف العمل في‬
      ‫هذه الصحف شابهت غيرها، ال انني لم اجد بينها واحدة يمكن اعتبارها حسب‬
     ‫رؤيتي الخاصة، وطنية. كانت الصحافة التي يديرها اليهود شيوعية في العادة،‬
 ‫واسعدني هذا. اذ عرفت ان الحزب الذي كنت اتصارع معه منذ شهور كان اجنبي ً،‬
  ‫ا‬
                                                     ‫فاليهود ما كانوا ابدً المانا.‬
                                                             ‫ا‬

                                      ‫عرفت الن من اغوى شعبنا لطريق الظلل.‬

                                                     ‫عرفت ايض ً ان انقاذه ممكن.‬
                                                                     ‫ا‬

                                         ‫اما اليهودي، فارائه الضالة ل تتغير ابدً.‬
                                          ‫ا‬

 ‫فقد حاولت آنذاك مناقشتهم: تحدثت كثيرً واوضحت شرور الفكر الماركسي، ولكن‬
                                      ‫ا‬
‫بل فائدة سوى ان يبح صوتي. واحيان ً ،حين نجحت في اصابة احدهم بضربة فكرية‬
                                        ‫ا‬
  ‫مميتة، وشاهد جميع السامعين هذا، واضطر غريمك للموافقة، فانه سيعود صباح‬
                            ‫اليوم التالي لموافقه ذاتها، وكان أي تغيير لم يحدث.‬

‫وكان لكل هذا فائدة: فكلما فهمت اساليب اليهود وخداعهم بشكل افضل، زاد عطفي‬
                    ‫على العمال وادركت انهم ضحايا لهذه الساليب واغوائها.‬

   ‫تراجعت عن الفكار الدولية وبت ناقم ً على اليهود. وحين درست نشاطاتهم عبر‬
                                          ‫ا‬
  ‫القرون، تسائلت : هل كتب القدر لهم التوفيق والسيطرة على الخرين، لسباب ل‬
                ‫نعرفها؟ هل يمكن ان يكون النصر حليف ً لمة ما عاشت ال للدنيا؟‬
                                       ‫ا‬

   ‫تفكرت مرة اخرى في عقائد الماركسية ، وتعلمت اشياء جديدة: ان هذه العقيدة‬
  ‫ترفض فكرة الصفوة الرستقراطية الموجودة في الطبيعة وتستبدل القوة الفكرية‬
 ‫بالكثرة العددية. وهي لهذا السبب ترفض أي قيمة فردية، وتعارض الفكر القومي،‬
    ‫وتسحب من النسانية ثقافتها. انها فكرة كفيلة بتدمير أي حضارة، وان انتصر‬


                                       ‫81‬
‫كتاب : كفاحي لهتلر‬                                  ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬
                                                                  ‫جمع وترتيب واس‬

           ‫اليهودي بمعونة هذا الفكر، فان نصره سيكون الدمار النهائي للنسانية.‬

 ‫ولذلك اشعر انني اتصرف بمعاونة الخالق العظيم ومن اجل تحقيق اهدافه السامية‬
         ‫لمصلحة البشرية حين ادافع عن نفسي ضد اليهودية واعلن الحرب عليها‬



                                                          ‫شكرا للخ الهتلريه‬

‫جمع وترتيب: واس‬
‫منتديات قصيمي نت‬




                                    ‫91‬

More Related Content

Viewers also liked

(الأزمات الدولية (1919م – 1939م)
(الأزمات الدولية  (1919م – 1939م)(الأزمات الدولية  (1919م – 1939م)
(الأزمات الدولية (1919م – 1939م)Hira Sohaib
 
بناء الوضعية المشكل ضمن المقاربة الكفائية
بناء الوضعية المشكل ضمن المقاربة الكفائيةبناء الوضعية المشكل ضمن المقاربة الكفائية
بناء الوضعية المشكل ضمن المقاربة الكفائيةImed Ilahi
 
النصيرية طغاة سورية
النصيرية طغاة سوريةالنصيرية طغاة سورية
النصيرية طغاة سوريةShamKarama
 
الصراع على السلطة في سورية
الصراع على السلطة في سوريةالصراع على السلطة في سورية
الصراع على السلطة في سوريةShamKarama
 
أسماء المطلوبين للمخابرات الجوية
أسماء المطلوبين للمخابرات الجويةأسماء المطلوبين للمخابرات الجوية
أسماء المطلوبين للمخابرات الجويةShamKarama
 
Arabic Vocabulary: Colours
Arabic Vocabulary: ColoursArabic Vocabulary: Colours
Arabic Vocabulary: ColoursMourad Diouri
 
Arabic Grammar: Question Nouns
Arabic Grammar: Question NounsArabic Grammar: Question Nouns
Arabic Grammar: Question NounsMourad Diouri
 
طريق النجاح-فضاء المعلمات و المعلمين -سنة-خامسة
طريق النجاح-فضاء المعلمات و المعلمين -سنة-خامسةطريق النجاح-فضاء المعلمات و المعلمين -سنة-خامسة
طريق النجاح-فضاء المعلمات و المعلمين -سنة-خامسةImed Ilahi
 
كراسة الأساليب والتراكيب فى اللغة العربية للصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية
كراسة الأساليب والتراكيب فى اللغة العربية للصفوف الأولى من المرحلة الابتدائيةكراسة الأساليب والتراكيب فى اللغة العربية للصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية
كراسة الأساليب والتراكيب فى اللغة العربية للصفوف الأولى من المرحلة الابتدائيةأمنية وجدى
 
TEDx Manchester: AI & The Future of Work
TEDx Manchester: AI & The Future of WorkTEDx Manchester: AI & The Future of Work
TEDx Manchester: AI & The Future of WorkVolker Hirsch
 

Viewers also liked (20)

(الأزمات الدولية (1919م – 1939م)
(الأزمات الدولية  (1919م – 1939م)(الأزمات الدولية  (1919م – 1939م)
(الأزمات الدولية (1919م – 1939م)
 
بناء الوضعية المشكل ضمن المقاربة الكفائية
بناء الوضعية المشكل ضمن المقاربة الكفائيةبناء الوضعية المشكل ضمن المقاربة الكفائية
بناء الوضعية المشكل ضمن المقاربة الكفائية
 
النصيرية طغاة سورية
النصيرية طغاة سوريةالنصيرية طغاة سورية
النصيرية طغاة سورية
 
الصراع على السلطة في سورية
الصراع على السلطة في سوريةالصراع على السلطة في سورية
الصراع على السلطة في سورية
 
Arabic
ArabicArabic
Arabic
 
أسماء المطلوبين للمخابرات الجوية
أسماء المطلوبين للمخابرات الجويةأسماء المطلوبين للمخابرات الجوية
أسماء المطلوبين للمخابرات الجوية
 
Arabic Vocabulary: Colours
Arabic Vocabulary: ColoursArabic Vocabulary: Colours
Arabic Vocabulary: Colours
 
Arabic Grammar: Question Nouns
Arabic Grammar: Question NounsArabic Grammar: Question Nouns
Arabic Grammar: Question Nouns
 
Egyptian Colloquial Arabic expressions
Egyptian Colloquial Arabic expressionsEgyptian Colloquial Arabic expressions
Egyptian Colloquial Arabic expressions
 
Arabic-English most popular quotes - Arabeya
Arabic-English most popular quotes - Arabeya Arabic-English most popular quotes - Arabeya
Arabic-English most popular quotes - Arabeya
 
Common Modern Standard Arabic Expressions
Common Modern Standard Arabic ExpressionsCommon Modern Standard Arabic Expressions
Common Modern Standard Arabic Expressions
 
Learn Egyptian proverbs and sayings with Arabeya 2017
Learn Egyptian proverbs and sayings with Arabeya 2017Learn Egyptian proverbs and sayings with Arabeya 2017
Learn Egyptian proverbs and sayings with Arabeya 2017
 
Modern Standard Arabic Expressions
Modern Standard Arabic Expressions Modern Standard Arabic Expressions
Modern Standard Arabic Expressions
 
Arabic alphabets - Arabeya Arabic language center
Arabic alphabets - Arabeya Arabic language centerArabic alphabets - Arabeya Arabic language center
Arabic alphabets - Arabeya Arabic language center
 
طريق النجاح-فضاء المعلمات و المعلمين -سنة-خامسة
طريق النجاح-فضاء المعلمات و المعلمين -سنة-خامسةطريق النجاح-فضاء المعلمات و المعلمين -سنة-خامسة
طريق النجاح-فضاء المعلمات و المعلمين -سنة-خامسة
 
Arabic Prepositions
Arabic PrepositionsArabic Prepositions
Arabic Prepositions
 
انتاج كتابي
انتاج كتابيانتاج كتابي
انتاج كتابي
 
كراسة الأساليب والتراكيب فى اللغة العربية للصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية
كراسة الأساليب والتراكيب فى اللغة العربية للصفوف الأولى من المرحلة الابتدائيةكراسة الأساليب والتراكيب فى اللغة العربية للصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية
كراسة الأساليب والتراكيب فى اللغة العربية للصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية
 
Napoleon
NapoleonNapoleon
Napoleon
 
TEDx Manchester: AI & The Future of Work
TEDx Manchester: AI & The Future of WorkTEDx Manchester: AI & The Future of Work
TEDx Manchester: AI & The Future of Work
 

Similar to كتاب كفاحي لهتلر

نيلسون مانديلا : قصة مصورة
نيلسون مانديلا : قصة مصورةنيلسون مانديلا : قصة مصورة
نيلسون مانديلا : قصة مصورةAli Alkathiri
 
Bahrain online بحرين اون لاين (43)
Bahrain online   بحرين اون لاين (43)Bahrain online   بحرين اون لاين (43)
Bahrain online بحرين اون لاين (43)bahrainonline
 
أورهان كمال - الهارب - رواية
أورهان كمال - الهارب - روايةأورهان كمال - الهارب - رواية
أورهان كمال - الهارب - روايةAli Alaaraj
 
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظ
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظالمجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظ
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظafaf_dd
 
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظ
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظالمجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظ
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظafaf_dd
 
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظ
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظالمجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظ
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظafaf_dd
 
لماذا اسلم هؤلاء؟؟؟
لماذا اسلم هؤلاء؟؟؟لماذا اسلم هؤلاء؟؟؟
لماذا اسلم هؤلاء؟؟؟Amr Selim
 
لماذا اسلم هؤلاء؟؟؟
لماذا اسلم هؤلاء؟؟؟لماذا اسلم هؤلاء؟؟؟
لماذا اسلم هؤلاء؟؟؟Amr Selim
 

Similar to كتاب كفاحي لهتلر (8)

نيلسون مانديلا : قصة مصورة
نيلسون مانديلا : قصة مصورةنيلسون مانديلا : قصة مصورة
نيلسون مانديلا : قصة مصورة
 
Bahrain online بحرين اون لاين (43)
Bahrain online   بحرين اون لاين (43)Bahrain online   بحرين اون لاين (43)
Bahrain online بحرين اون لاين (43)
 
أورهان كمال - الهارب - رواية
أورهان كمال - الهارب - روايةأورهان كمال - الهارب - رواية
أورهان كمال - الهارب - رواية
 
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظ
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظالمجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظ
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظ
 
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظ
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظالمجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظ
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظ
 
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظ
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظالمجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظ
المجموعة القصصية (همــس الجنــون) لـنجـيـب محـفـوظ
 
لماذا اسلم هؤلاء؟؟؟
لماذا اسلم هؤلاء؟؟؟لماذا اسلم هؤلاء؟؟؟
لماذا اسلم هؤلاء؟؟؟
 
لماذا اسلم هؤلاء؟؟؟
لماذا اسلم هؤلاء؟؟؟لماذا اسلم هؤلاء؟؟؟
لماذا اسلم هؤلاء؟؟؟
 

More from kjgggg

من كان يؤمن بالله واليوم الاخر
من كان يؤمن بالله واليوم الاخرمن كان يؤمن بالله واليوم الاخر
من كان يؤمن بالله واليوم الاخرkjgggg
 
درس بور عن البحرين
درس بور عن البحريندرس بور عن البحرين
درس بور عن البحرينkjgggg
 
تعرف جسمك وامراضه من اظافرك
تعرف جسمك وامراضه من اظافركتعرف جسمك وامراضه من اظافرك
تعرف جسمك وامراضه من اظافركkjgggg
 
الحلويات العصرية
الحلويات العصريةالحلويات العصرية
الحلويات العصريةkjgggg
 
ماشطة بنت فرعون
ماشطة بنت فرعونماشطة بنت فرعون
ماشطة بنت فرعونkjgggg
 
Back Care Book
Back Care BookBack Care Book
Back Care Bookkjgggg
 
Rmdhn Interactiv 01
Rmdhn Interactiv 01Rmdhn Interactiv 01
Rmdhn Interactiv 01kjgggg
 
Lazat Al3ibadah
Lazat Al3ibadahLazat Al3ibadah
Lazat Al3ibadahkjgggg
 
Presentation3
Presentation3Presentation3
Presentation3kjgggg
 
Presentation3
Presentation3Presentation3
Presentation3kjgggg
 
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
من يفعل الخير لا يعدم جوازيهمن يفعل الخير لا يعدم جوازيه
من يفعل الخير لا يعدم جوازيهkjgggg
 
Omra002
Omra002Omra002
Omra002kjgggg
 
موسوعة الشهر للطبخ
موسوعة الشهر للطبخموسوعة الشهر للطبخ
موسوعة الشهر للطبخkjgggg
 
طريقة المطبق
طريقة المطبقطريقة المطبق
طريقة المطبقkjgggg
 
خمسون حديثا لفضائل الأعمال
خمسون حديثا لفضائل الأعمالخمسون حديثا لفضائل الأعمال
خمسون حديثا لفضائل الأعمالkjgggg
 
Sohbe Taibe
Sohbe TaibeSohbe Taibe
Sohbe Taibekjgggg
 
Samosa E Book Small[1]
Samosa E Book Small[1]Samosa E Book Small[1]
Samosa E Book Small[1]kjgggg
 

More from kjgggg (17)

من كان يؤمن بالله واليوم الاخر
من كان يؤمن بالله واليوم الاخرمن كان يؤمن بالله واليوم الاخر
من كان يؤمن بالله واليوم الاخر
 
درس بور عن البحرين
درس بور عن البحريندرس بور عن البحرين
درس بور عن البحرين
 
تعرف جسمك وامراضه من اظافرك
تعرف جسمك وامراضه من اظافركتعرف جسمك وامراضه من اظافرك
تعرف جسمك وامراضه من اظافرك
 
الحلويات العصرية
الحلويات العصريةالحلويات العصرية
الحلويات العصرية
 
ماشطة بنت فرعون
ماشطة بنت فرعونماشطة بنت فرعون
ماشطة بنت فرعون
 
Back Care Book
Back Care BookBack Care Book
Back Care Book
 
Rmdhn Interactiv 01
Rmdhn Interactiv 01Rmdhn Interactiv 01
Rmdhn Interactiv 01
 
Lazat Al3ibadah
Lazat Al3ibadahLazat Al3ibadah
Lazat Al3ibadah
 
Presentation3
Presentation3Presentation3
Presentation3
 
Presentation3
Presentation3Presentation3
Presentation3
 
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
من يفعل الخير لا يعدم جوازيهمن يفعل الخير لا يعدم جوازيه
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
 
Omra002
Omra002Omra002
Omra002
 
موسوعة الشهر للطبخ
موسوعة الشهر للطبخموسوعة الشهر للطبخ
موسوعة الشهر للطبخ
 
طريقة المطبق
طريقة المطبقطريقة المطبق
طريقة المطبق
 
خمسون حديثا لفضائل الأعمال
خمسون حديثا لفضائل الأعمالخمسون حديثا لفضائل الأعمال
خمسون حديثا لفضائل الأعمال
 
Sohbe Taibe
Sohbe TaibeSohbe Taibe
Sohbe Taibe
 
Samosa E Book Small[1]
Samosa E Book Small[1]Samosa E Book Small[1]
Samosa E Book Small[1]
 

كتاب كفاحي لهتلر

  • 1. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫كفاحي - آدولف هتلر‬ ‫آدولف هتلر‬ ‫)9881 - 5491(‬ ‫تمهيد :‬ ‫قد يكون آدولف هتلر اهم الشخصيات السياسية في القرن العشرين .. ومن‬ ‫المعروف ان وجود صورته على ظهر كتاب يزيد مبيعاته بنسسبة 02% . وقد ُلد‬ ‫و‬ ‫كما يقص في مذكراته لسرة متواضعة ، وعاش جل اعوام طفولته وشبابه الول‬ ‫خارج المانيا. ثم عاد لوطنه الم وساهم في تاسيس الحزب النازي. وخلل عشرة‬ ‫اعوام ، بات قائدً للمة اللمانية.‬ ‫ا‬ ‫في كفاحي، يقص هتلر حكاية صراعه في سبيل الوصول للفلسفة التي يؤمن بها‬ ‫ل‬ ‫او ً ، ثم الكفاح في سبيل تحقيق ما يعتبره طموحات الشعب اللماني. نختار او ً‬ ‫ل‬ ‫وصف هتلر لطفولته الباكرة وحياته السرية الباكرة ثم معاناته من الفقر المدقع في‬ ‫فيينا ، وصولً الى آرائه التي لم يغيرها ابدً بشأن القضية اليهودية‬ ‫ا‬ ‫كفاحــــــــــــــــــــــــــي‬ ‫الفصل الول :‬ ‫طفولتي‬ ‫يبدو وكأن القدر تعمد اختيار براوناو موقع ً لولد فيه : فتلك المدينة الصغيرة تقع‬ ‫ا‬ ‫على الحدود بين دولتين سعينا نحن الجيل الجديد لتوحيدهما بكل ما لدينا من قوة.‬ ‫فلبد من عودة المانيا النمساوية للوطن الم ، وليس بسبب أي دوافع اقتصادية. بل‬ ‫وحتى ان الحق التحاد اضرارً اقتصادية، فلبد منه. دمائنا تطلب وطن ً واحدً ، ولن‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫تستطيع المة اللمانية امتلك الحق الخلقي لتحقيق سياسة استعمارية حتى تجمع‬ ‫اطفالها في وطن واحد. وفقط حين تشمل حدودنا آخر الماني، ول نستطيع تامين‬ ‫رزقه، سنمتلك الحق الخلقي في احتلل اراض اخرى بسبب معاناة شعبنا. سيصير‬ ‫السيف اداة الحرث ، ومن دموع الحرب سينبت الخبز للجيال القادمة. وهكذا يبدو‬ ‫لي ان هذه القرية الصغيرة كانت رمزاً للمسؤلية الغالية التي انيطت بي ، ولكن‬ ‫1‬
  • 2. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫ا‬ ‫هنالك صورة بائسة اخرى تذكرنا تلك المدينة بها. فقبل مائة عام، كانت مسرح ً‬ ‫لكارثة ماساوية ستخلد في صفحات التاريخ اللماني. فحين انحطت الوضاع الى‬ ‫اسوء حال ممكن تحت وطئة الحتلل الفرنسي، استشهد جوهانا، بائع الكتب، في‬ ‫سبيل الوطن الذي احبه. وقد رفض التخلي عن شركائه وشجب الذين كانوا افضل‬ ‫منه في قدراتهم. وقد ابلغ احد ضباط الشرطة اللمان عنه الفرنسيين ، وبقى العار‬ ‫ملحق ً باسمه حتى الساعة.‬ ‫ا‬ ‫في هذه المدينة الصغيرة، المضيئة ببريق الشهادة في سبيل الوطن، والتي حكمتها‬ ‫النمسا وان كان دم شعبها الماني ً ، عاش والدي في آواخر الثمانينات من القرن‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫الماضي: وبينما كان والدي موضف ً حكومي ً، رعت امي افراد السرة. ولم بيق حالي ً‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫في ذاكرتي سوى القليل عن هذا المكان لننا سرعان ما رحلنا منه لبلدة باسو في‬ ‫المانيا.‬ ‫وخلل تلك اليام كان التنقل مصيراً محتوم ً على الموظف. وهكذا انتقل والدي مرة‬ ‫ا‬ ‫ثالثة الى لينز، وهناك اخيرً تمت احالته على التعاقد. ولكن ذلك لم يعن له الراحة‬ ‫ا‬ ‫ابدً. فمنذ طفولته كان ل يطيق البقاء في المنزل بل عمل، وهرب في سن الثالثة‬ ‫ا‬ ‫عشر الى فيينا وتعلم حرفة وحصل على التجربة والنجاح قبل سن السابعة عشر،‬ ‫ولكنه ما قنع بكل هذا ، بل ان معاناة العوام الولى دفعت للسعي وراء مستقبل‬ ‫افضل . وهكذا بحث على وظيفة حكومية، وبعد عشرين عام ً من الصراع الدؤوب ،‬ ‫ا‬ ‫عثر عليها. وهكذا حقق قسمه القديم ، وهو ال يعود لقريتة الصغيرة ال بعد ان‬ ‫يكون قد كون نفسه.‬ ‫حقق الرجل حلمه ، ولكن ل احد في القرية تذكر الطفل الذي هاجر ، بل وبدت له‬ ‫قريته غريبة تمام ً ، وكانه يراها لول مرة. واخيرً، وفي سن السادسة والخسين،‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫بعد تقاعده، ما استطاع احتمال الفراغ، فاقتنى مزرعة وعمل في زراعتها كما فعل‬ ‫اجداده من قبل.‬ ‫وخلل تلك الفترة تكونت داخلي بوادر الشخصية الولية. اللعب في الحقول، المشي‬ ‫الى المدرسة، وخصوص ً الختلط مع اصدقائي العنيفين الذي اقلقت علقاتي معهم‬ ‫ا‬ ‫والدتي، كل هذه جعلتني من النوع النشط الذي ل يرتاح للبقاء في المنزل. وبالرغم‬ ‫من عدم تفكري بالحرفة المستقبلية، ما كانت عواطفي ابدً تتجه نحو المسير الذي‬ ‫ا‬ ‫اتخذه والدي لنفسة. اؤمن باني حتى آنذاك تمتعت بقدرات بلغية مميزة ظهرت في‬ ‫شكل حوارات عنيفة مع زملء الدراسة. بل وبت زعيم ً لمجموعة: ونجحت في‬ ‫ا‬ ‫المدرسة بالفعل ، ولكني كنت شديد المراس. اشتركت في النشاطات الكنائسية ،‬ ‫واسكرتني عظمة هذه المؤسسة العريقة. وبدا لي القس مثا ً لما ينبغي ان اكونه،‬ ‫ل‬ ‫كما بدا لوالدي من قبل. ولكن الخير فشل في التعامل مع قدرات ابنه البلغية وما‬ ‫استطاع تصور مستقبل ممكن له، بل واقلقه هذا الوضع كثيرً.‬ ‫ا‬ ‫هذا الحلم الكنائسي تخلى عني سريع ً ، بعد ان عثرت على بعض الكتب العسكرية‬ ‫ا‬ ‫التي وصفت العارك بين فرنسا والمانيا عام 0781 - 17. عشقت هذه النصوص ،‬ ‫وصارت الصرعات البطولية النشاط الفكري والخيالي الساسي لكياني. ومنذ ذلك‬ ‫2‬
  • 3. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫الوقت صرت اعشق كل ما له علقة بالجنود. ولكن السئلة الصعبة بدأت تفرض‬ ‫نفسها على فكري : هنل هناك فوارق - بين اللمان الذين خاضوا تلك المعارك‬ ‫والخرين؟ ولماذا لم تشترك النمسا فيها؟ ولماذا لم يطلب من والدي الشتراك؟ ال‬ ‫ننتمي جميع ً لذات الوطن؟ ال ننتمي سوية؟ بدأت هذه التساؤلت تشغل بالي لول‬ ‫ا‬ ‫مرة. طرحت السئلة واجابوني بحذر قائلين ان اللمان غير المحظوظين ل ينتمون‬ ‫لذات الدولة التي اسسها بسمارك ، وكان هذا الوضع عسيرً على الفهم ، ثم قالوا‬ ‫ا‬ ‫لي ان الوان قد حان للذهاب للمدرسة الثانوية.‬ ‫اكد والدي انه يرغب في ان اذهب لمدرسة خاصة لعداد الموظفين. فهو - بسبب‬ ‫تجاربه الحياتية - ما راى طائ ً وراء المدارس العادية. كانت رغبته هي ان اصير‬ ‫ل‬ ‫موظف ً حكومياً مثله ، بل وافضل لنني كنت ساتعلم من اخطائه واستفيد من‬ ‫ا‬ ‫تجاربه ، لنه تصور استحالة ان ارفض السير على دربه، كان قراره واضح ً ،‬ ‫ا‬ ‫مؤكدً. معاناة عمر طويل ومشاق الحياة وهبته طبيعة متعسفة. وبدا له من‬ ‫ا‬ ‫المستحيل ان يترك المر لبنه غير المجرب ، الغير قادر على احتمال المسئوليات.‬ ‫بل وتصور انه سيكون مذنب ً ان لم يستخدم سلطته لتحديد مستقبله، وراى ان هذه‬ ‫ا‬ ‫مسؤولية تحتمها عليه الوظيفة البوية.‬ ‫ومع ذلك سارت المور بطريقة مغايرة: فقد رفضت الفكرة بشكل قاطع، وما كان‬ ‫عمري اكثر من احدى عشر سنة. ولم ينجح الترغيب او الترهيب كليهما في تغيير‬ ‫رايي. وكل مساعي والدي الذي قص علي قصص ً عن تجاربه في العمل ، راجي ً ان‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫اقنع به واحبه، ادت لنتائج عكسية. تثائبت واهنا اذ تصورت انني ساقضي العمر‬ ‫ً‬ ‫امام مكتب ، بدون ان يكون وقتي ملك ً لي، قاضي ً حياتي في تحويل الدنيا الى‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫فراغات يقوم احدهم بملها في صورة طلب او وظيفة. واي افكار كان يمكن لمشهد‬ ‫كهذا ان يخلقه في نفس طفل طبيعي؟ الوظائف المدرسية كانت سهلة ، وامتلكت‬ ‫الوقت الحر لدرجة ان الشمس عرفتني اكثر من حيطان حجرتي. وحين يبحث‬ ‫ل‬ ‫اعدائي السياسيين في الماضي البعيد، ويعثرون على ما يؤكد ان هتلر كان طف ً‬ ‫شقي ً ، اشكر ال على انهم قد اعادوا لفكري ذكريات بعض تلك اليام السعيدة.‬ ‫ا‬ ‫الغابات والحقول باتوا حلبات الصراع التي قضيت فيها حياتي ، والمدرسة الجديدة‬ ‫لم تغير هذا الوضع ، وطالما كانت معارضتي الساسية لفكرة والدي نظرية ،‬ ‫استطعنا التعايش سوي ً. فقد احتفظت بارآئي الخاصة، وما خالفته بصوت مرتفع.‬ ‫ا‬ ‫ولكن – وفي سن الثانية عشر – بدأت اطمع في ان اصير رسام ً. ومع ان والدي‬ ‫ا‬ ‫كان يشجع هذه الهواية، ال انه لم يتصور ابدً ان اسير في هذا التجاه.‬ ‫ا‬ ‫-"رسام"؟‬ ‫تشكك حتى في عقلي ، وربما تصور انه لم يفهم ما اعنيه. ولكن بعد ان فهم ،‬ ‫عارض الفكرة بكل ما في طبيعته من عناد. "رسام! فقط بعد موتي.“ ولكنة اكتشف‬ ‫ان ابنه قد ورث منه ذات العناد. وهكذا بقي الحال زمن ً طوي ً . وما كانت النتائج‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫3‬
  • 4. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫طيبة. فقد اصابت المرارة نفس الرجل الكبير، وما كان باستطاعتي الرضوخ له.‬ ‫وهكذا حين اكد استحالة دراستي للفن، قررت ايقاف الدراسة بشكل عملي، متصوراً‬ ‫انه حين سيرى فشلي الدراسي ، سيسمح لي بالسير في التجاه الذي اختاره. كانت‬ ‫نتائجي المدرسية آنذاك غير طبيعية: فكل ما له علقة بالرسم جلبت فيه افضل‬ ‫النتائج، وفي الباقي اسوءها. ولكن انجازاتي كانت مميزة في حقلي الجغرافيا‬ ‫والتاريخ اللمانيين، لنني عشقت هاتين المادتين وكنت افضل التلميذ فيهما ،‬ ‫وحين اتطلع لتلك المرحلة الن، بعد مرور السنوات الكثيرة، الحظ حقيقتين‬ ‫هامتين: فاو ً ، صرت قومي ً، وثاني ً ، تعلمت معنى التأريخ. ففي دولة متعددة‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫الجناس كالنمسا ، كان من الصعب جدً ان يعرف الرء معنى النتماء للمانيا. فبعد‬ ‫ا‬ ‫العارك الفرنسية اللمانية، قل الهتمام باللمان في الخارج، ونساهم البعض تمام ً.‬ ‫ا‬ ‫ومع ذلك، فلو لم يكن الدم اللماني طاهرً قوي ً ، لما استطاع العشرة مليون الماني‬ ‫ا ا‬ ‫ترك بصمتهم واضحة جلية في دولة تتكون من اكثر من خمسين مليون نسمة،‬ ‫لدرجة ان الناس تصورت ان النمسا كانت دولة المانية مستقلة.‬ ‫القليلون ادركوا قسوة الصراع الوحشي الذي خضناه للحفاظ على اللغة اللمانية،‬ ‫المدارس اللممانية، والسلوب الخاص للحياة: اليوم فقط، حين يحلم المليين من‬ ‫اللمان بالعودة للوطن الم، ساعين على القل للحفاظ على لغتهم القوية، يدرك جل‬ ‫الناس صعوبة هذا الصراع، وربما يقدر بعضهم اهمية هؤلء الفراد الذين حموا‬ ‫الوطن من الهجمات من الشرق، وحاربوا من اجل ابقاء اللغة المشتركة حين ما‬ ‫اهتمت الحكوات اللمانية ال بالمستعمرات البعيدة ، متناسية معاناة اللمان في‬ ‫الجوار. وحتى الطفال اشتركوا في الصراع القومي: اذ رفضنا ترتيد الغاني غير‬ ‫اللمانية، وارتدينا الثياب التقليدية ، بالرغم من التهديد والعقوبات. فمنذ طفولتي لم‬ ‫يعني شعور ”الوطنية“ أي شيء لي، بينما عنت المشاعر القومية كل شيء. وقد‬ ‫كانت دراسة التاريخ دافع ً قوي ً لخلق الحس القومي، نظرً لعدم وجود تاريخ‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫نمساوي مستقل. بل ان مصير هذه الدولة مرتبط بالمانيا لدرجة ان ظهور تاريخ‬ ‫نمساوي خاص يبدو مستحي ً. فتقسيم المانيا لموقعين هو في حد ذاته جزء من‬ ‫ل‬ ‫التاريخ اللماني.‬ ‫ضرورة توحيد اللمان والنمساويين كانت نتيجة حلم ً بقي في قلوب الجماهير بسبب‬ ‫ا‬ ‫تذكرها للتاريخ الذي كان بئراً ل ينضب. وخاصة في اوقات النسيان ، سما التاريخ‬ ‫فوق الثراء المرحلي وهمس الماضي للشعب باحلم المستقبل.‬ ‫تعليم التاريخ في ما يسمى المدارس الثانوية ل يزال حتى اليوم في حال يرثى لها.‬ ‫والقلة من الساتذة تفهم ان الهدف من دراسته ليس حفظ ارقام او تواريخ، مثل يوم‬ ‫معركة، او ساعة ميلد زعيم، او حتى حين وصول ملك للسلطة. فمعرفة التاريخ‬ ‫تعني معرفة القوى التي تسبب النتائج المسماة احداث ً تاريخية. والمعرفة هي :‬ ‫ا‬ ‫القدرة على تذكر الساسي ، ونسيان كل ما هو غير ضروري.‬ ‫وقد يكون احد اهم اسباب تشكيل شخصيتي الحالية دراستي للتاريخ مع احد القلة‬ ‫الذين عرفوا هذه القواعد وراعوها في التدريس، الستاذ ليوبلد بوتش. فقد كان ذلك‬ ‫الرجل العجوز خيرً متقناً لمادته، وتمتع ايض ً بقدرة بلغية مميزة سحرت اللب‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫4‬
  • 5. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫وجعلتنا، ونحن نستمع لبعض قصصه، ننسى الحاضر، وكانه ساحر ياخذنا لعصور‬ ‫ماضية، عبر ضباب عشرات السنين، صانع ً من الحداث التاريخية واقع ً معاش ً.‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫وقد كنا من المحظوظبن جدً لن هذا المدرس عرف كيف ينير الماضي بامثلة من‬ ‫ا‬ ‫الحاضر، وكيف يجلب من الماضي وقائع تلقي الضوء على الحاضر. ونتيجة لهذه‬ ‫القدرة فهم اكثر من غيره المصاعب التي نعانيها، واستغل مشاعرنا القومية‬ ‫لتقويمنا، مستنشداً باحساسنا بالشرف للنتماء للوطن. وبهذه الطريقة نجح في‬ ‫تهذيبنا بشكل افضل من أي اسلوب آخر ، هذا المدرس جعلني عاشق ً للتاريخ.‬ ‫ا‬ ‫وهكذا بت ثورياً بدون ان يسعى هو متعمداً لذلك. فمن يستطيع دراسة التاريخ‬ ‫اللماني مع استاذ كهذا بدون ان يكره الدولة التي كادت تدمر مصير المة؟‬ ‫الم نعرف ان النمسا ما حملت لللمان سوى البغضاء؟ الم نشاهد افعالهم كل يوم؟‬ ‫في الشمال والجنوب كان سم الدول الخرى يدمر جسد وطننا ، وحتى فيينا تم‬ ‫تحويلها لمدينة ل المانية. فقد حاولت السرة الحاكمة جلب سكان البلد الخرى،‬ ‫وخصوص ً التشيك، بقدر الستطاعة، وكان مقتل السيد فرانسز فوردناد، عدو‬ ‫ا‬ ‫اللمان الول، على ايديهم دللة على عدالة الرب الزلي.‬ ‫كانت الثقال التي ناء بحملها الشعب اللماني هائلة ، اذ دفعوا المال والدم ، وبل‬ ‫فائدة . ولكن ما اغضبني ادعاء ان كل هذا نتج عن علقات متميزة بين المانيا‬ ‫والنمسا، تنج عنها ان الشعب اللماني تم تديره بموافقة من الحكومة اللمانية ذاتها‬ ‫. وكانت نتيجة هذا النفاق هو ازدياد الكرهية للحكومة اللمانية لدرجة الزدراء.‬ ‫ولكن حكام المانيا ما فقهوا كل هذا ، ومثل رجل اعمى، عاشوا بجوار الجثة‬ ‫متصورين في سكون الموت ماعة ميلد حياة جديدة. وهذا التصور الخاطيء ادى‬ ‫للحرب العالمية الولى والدمار الناتج عنها.‬ ‫ادركت في هذه الفترة ان المة اللمانية ستبقى فقط لو تم تدمير النمسا، وما هو‬ ‫اهم ، ان الحس القومي يتعارض كلية مع مشاعر التبجيل للملك. عرفت ان هذه‬ ‫السرة الحاكمة ل هدف لها سوى اخماد نار المة اللمانية. ومع ذلك احببت النمسا‬ ‫كجزء من الوطن الم.‬ ‫طبع التفكير التاريخي الذي تعلمته خلل هذه اليام ما هجرني ابدً بعد ذلك. بات‬ ‫ا‬ ‫التاريخ العالمي مورداً ل ينضب عرفت عن طريقه مغزى الحداث المعاصرة. وهكذا‬ ‫تحولت باكرً الى سياسي ثائر.‬ ‫ا‬ ‫ما كان المسرح سيئاً في شمال النمسا. فقد شاهدت المسرحيات المحتلفة في سن‬ ‫الثانية عشر ، وبعض اعمال الوبرا كذلك.‬ ‫كل هذه العوامل دفعتني لرفض العمل الذي اراد والدي اعدادي له . ايقنت انني لن‬ ‫استطيع الوصول للراحة النفسية في أي وظيفة حكومية. ساكون رسام ً، ولن تقدر‬ ‫ا‬ ‫5‬
  • 6. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫أي قوة في العالم على جعلي موظف ً.‬ ‫ا‬ ‫ومع ذلك ، تحولت مع مرور العوام الى حب المعمار اكثر من الرسم.‬ ‫وعلى كل حال ، فقد تدخل القدر، واصيب والدي بالجلطة، وانتهت رحلته الدنيوية،‬ ‫وتركنا جميع ً في حالة من الحزن العميق. لقد كان طموحه الخير مساعدة ابنه حتى‬ ‫ا‬ ‫ل يعاني كما عانى ويكرر ذات الخطاء. وان لم ينجح ال ان البذور التي زرعها‬ ‫لعبت دورها في خلق مستقبل لم يستطع هو - ول انا- ادراكه آنذاك.‬ ‫وقد رغبت امي في ان استمر في الدراسة كما اراد والدي. ثم اصبت بمرض‬ ‫ساعدني على التغلب على هذا الصراع المنزلي. اذ اكد الطبيب انني ل استطيع‬ ‫البقاء في مكتب ، والح على ابتعادي عن المدرسة لعام كامل. وهكذا حققت لي‬ ‫القدار الهدف الذي سعيت له.‬ ‫وافقت امي مكرهة اخيرً على ان ادرس في المعهد الفني. كانت اسعد ايام العمر‬ ‫ا‬ ‫امامي - ال انها بقت احلم ً لن والدتي توفيت بعد وفاة والدي بعامين نتيجة لمرض‬ ‫ا‬ ‫قاتل اصابها على حين غرة. احترمت والدي، ولكنني احببت امي، وقد احزنني‬ ‫رحيلها كثيرً.‬ ‫ا‬ ‫وهكذا وجدت نفسي مضطراً لتخاذ قرارات صعبة. الموال القليلة المتبقية كانت قد‬ ‫ُنفقت في علج امي، وما قدمته الحكومة لليتام ما كان كافي ً حتى لشظف العيش .‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫وهكذا كان امامي مسؤولية الستقلل القتصادي.‬ ‫وضعت ثيابي القليلة في حقيبة ، وفي قلبي ارادة جديدة، واتجهت الى فيينا. مثل‬ ‫والدي، قررت ان انتزع من القدر مصيراً ميزاً ، وان اكون شيئاً خاص ً ، أي شيء ،‬ ‫ا‬ ‫باستثناء موظف حكومي.‬ ‫يقول هتلر في كتابه )كفاحي( :‬ ‫اليهودي بمعونة هذا الفكر، فان نصره سيكون الدمار النهائي للنسانية.‬ ‫ولذلك اشعر انني اتصرف بمعاونة الخالق العظيم ومن اجل تحقيق اهدافه السامية‬ ‫لمصلحة البشرية حين ادافع عن نفسي ضد اليهودية واعلن الحرب عليها‬ ‫الفصل الثاني:‬ ‫اعوام الدراسة والمعاناة في فيينا . . .‬ ‫حين ماتت والدتي ، حدد القدر اجزاء كثيرة من مصيري المستقبلي .‬ ‫6‬
  • 7. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫خلل الشهور الخيرة من مرضها ، ذهبت الى فيينا لجتياز الختيار المبدأي لدخول‬ ‫المعهد الفني. كنت قد اعددت بعض اللوحات ، متاكدً من ان المتحان سيكون في‬ ‫ا‬ ‫غاية السهولة . فقد كنت الفضل في الفصل في مجال الرسم دائم ً ، ومنذ ذلك‬ ‫ا‬ ‫الوقت ، تقدمت قدراتي بسرعة، فاصابني الغرور .‬ ‫ومع ذلك، شعرت بالمرارة لن قدراتي على الرسم الهندسي فاقت بكثير قدراتي‬ ‫كرسام. وكل يوم كان ولعي بالفنون المعمارية يتزايد - خصوص ً بعد رحلة لمدة‬ ‫ا‬ ‫اسبوعين قضيتها في فيينا في سن السادسة عشر. وقد كان هدف تلك المرحلة هو‬ ‫دراسة متحف الفن، وان وجدت نظراتي تتطلع اكثر لهيكل المتحف. فمنذ الصباح‬ ‫الباكر وحتى المساء، تجولت في الروقة متابع ً كل ما يشغف فكري، وان كان جل‬ ‫ا‬ ‫اهتامي قد انصب على المتحف ذاته. لساعات وقفت امام مبنى الوبرا، وبدا لي‬ ‫المكان ساحرً مثل قصور الف ليلة وليلة.‬ ‫ا‬ ‫والن كنت في المدينة الخلبة للمرة الثانية، منتظراً على احر من الجمر نتائج‬ ‫المتحان. كنت متاكدً من النجاح لدرجة ان سقوطي اصابني بذهول مطبق. وجين‬ ‫ا‬ ‫تحادثت مع المسؤول، وطلبت منه التوضيح، اكد لي ان اللوحات التي قدمتها تشير‬ ‫الى عدم توافر الموهبة المطلوبة للرسم لدي، وان اكد ان مجال الرسم الهندسي هو‬ ‫الملئم لي ولم يصدق انني لم ادرسه البتة. مكتئباً تركت البنى، لول مرة في حياتي‬ ‫غير عارف بما يجدر بي فعله.‬ ‫عرفت الن انه لبد لي ن دراسة الهندسة . وكان الطريق صعب ً: فكل مارفضت‬ ‫ا‬ ‫دراسته خلل صراعي مع والدي بات ضروري ً. ما كان ممكناً دخول كلية الهندسة‬ ‫ا‬ ‫بدون الشهادة الثانوية. وهكذا بدا ان حلمي الفني لن يتحقق ابدً.‬ ‫ا‬ ‫حين عدت لفيينا مرة تالثة، بعد وفاة والدتي، كان الطموح والعناد قد عادا لي.‬ ‫قررت ان اصير مخطط ً هندسياً ، وكل الصعاب كانت التحدي الذي لبد لي من‬ ‫ا‬ ‫اجتيازه. كنت مصمماً على مواجهة العقبات، وامامي صورة ابي، الذي بدأ حياته‬ ‫مصلح ً للحذية ، وصعد بجهوده الخاصة الى موقع حكومي جيد. توفرت لدي‬ ‫ا‬ ‫امكانيات اكثر، وهكذا بدا ان الصراع سيكون اسهل، وما بدا لي آنذك سوء الحظ،‬ ‫امتدح اليوم كمساعدة القدر الحكيم. فبينما ازدادت معاناتي اليومية، ازدادت ارادة‬ ‫المقاومة داخل ذاتي وفي نهاية المطاف تفوقت على غيرها من العوامل . تعلمت‬ ‫خلل تلك اليام الشدة ، وتحولت من طفل مدلل الى رجل ُذف به الى قلب المعاناة‬ ‫ق‬ ‫والفقر المدقع. ومن ثم تعرفت على اولئك الذين سادافع عنهم في ايام مستقبلية.‬ ‫خلل تلك المرحلة ادركت وجود خطرين مدقعين يحيطان بالشعب اللماني، وهما‬ ‫اليهودية والشيوعية. ول تزال فيينا، التي يتصورها الكثيرني مدينة اللذات البريئة،‬ ‫7‬
  • 8. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫تجلب لذهني اسوء صور المعاناة النسانية التي عرفتها لمدة خمسة اعوام‬ ‫اضطررت خللها للعمل ، او ً كمستاجر يومي، ثم كرسام.‬ ‫ل‬ ‫ما جلبته من مال ما كفى حتى لشباع الجوع اليومي. كان الجوع صديقاً لي آنذاك،‬ ‫وما تركني للحظة، بل شاركني في كل شيء. كل كتاب اقتنيته ، وكل مسرحية‬ ‫شاهدتها، جعلته اقرب الي. ومع ذلك، درست خلل تلك اليام اكثر من أي فترة‬ ‫اخرى. باستثناء زياراتي النادرة للوبرا التي دفعت ثمنها جوع ً ، ما كان لدي أي‬ ‫ا‬ ‫لذة سوى القراءة. وهكذا خلل تلك الفترة قرات كثيراً وبعمق. كل وقت الفراغ‬ ‫المتاح لي بعد العمل قضيته في القراءة، وبهذه الطريقة جمعت خلل بضع اعوام‬ ‫المعارف التي تغنيني حتى الساعة .‬ ‫خلل تلك العوام، تكونت في ذهني صورة للعالم تبقى القاعدة التي استخدمها في‬ ‫كل قرار اتخذه ، وكل تصرف اقوم به. وانا اليوم مقتنع بان كل سلوكياتنا تنبع من‬ ‫آراء تنتج اثناء شبابنا. فحكمة النضوج تحوي الراء الخلقة التي ينتجها الفكر‬ ‫الشاب ول يمكن تطويرها آنذاك، مضاف ً لها الحذر الذي يتعلمه النسان بالتجربة.‬ ‫ا‬ ‫وهذه العبقرية الشبابية ستكون الداة الساسية لخطط المستقبل، التي سيمكن‬ ‫تحقيقها فقط لو لم تدمرها تمام ً حكمة النضج.‬ ‫ا‬ ‫كانت طفولتي مريحة، بل قلق يذكر. كنت انتظر مجيء الصباح، بل أي معاناة‬ ‫اجتماعية. فقد انتميت لطبقة الراسمالية الصغيرة ، وكنت لهذا السبب بعيدً عن‬ ‫ا‬ ‫الطبقات العاملة. وبالرغم من ان الفرق القتصادي بين الطبقتين كان محدودً ، ال‬ ‫ا‬ ‫ان الفاصل بينهما كان شاسع ً . وقد يكون سبب العداء بين الطبقتين هو ان‬ ‫ا‬ ‫الموظف، الذي ما استطاع ال بصعوبة ترك الطبقات العاملة ، يخشى من العودة الى‬ ‫ا‬ ‫تلك الطبقة المحتقرة، او على القل ان يتصوره الناس جزءً منها. هناك ايض ً‬ ‫ا‬ ‫الذكريات المخيفة للفقر، وانعدام المعايير الخلقية بين الطبقات المنحطة، وهكذا‬ ‫يخشى الراسمالي الصغير أي اتصال مع هذه الطبقة. وهذا الصراع عادة يدمر كل‬ ‫شعور بالرحمة. فصراعنا للبقاء يدر عواطفنا لولئك الذين تخلفوا ورائنا.‬ ‫اشكر القدر الذي اجبرني على العودة لعالم الفقر والخوف، لن التجربة ازاحت عن‬ ‫عيوني غشاء نتج عن تربية الرأسمالية الصغيرة. عرفت الن معاناة النسانية ،‬ ‫وتعلمت التفرقة بين المظاهر الفارغة والكائن الموجود في داخلها.‬ ‫كانت فيينا التي شاهدتها احدى اكثر مدن اوروبا تخلف ً. الثراء الفاحش والفقر‬ ‫ا‬ ‫المدقع تجاورا. في مركز المدينة وحاراتها شعرت بنبض 25 مليون ً . اما المحكمة‬ ‫ا‬ ‫الفخمة والمناطق المجاورة لها، وخصوصاً المباني الحكومية،‬ ‫فجذبت لها الذكاء والثراء. وهذه المناطق كانت كل ما يوحد الشعوب المختلفة‬ ‫8‬
  • 9. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫الموجودة في هذه الدولة. فالمدينة كانت العاصمة الثقافية والسياسية والقتصادية.‬ ‫مجموعة مديرى الشركات العامة والخاصة، موظفي الحكومة، الفنانين، والمدرسين‬ ‫والمثقفين، عاشت في مواقع قريبة بجوار الفقراء، وواجهت جيوش ً من العمال كل‬ ‫ا‬ ‫يوم. خارج القصور المعروفة تشرد الف من العاطلين، وفي ظلل اسوارها رقد من‬ ‫ل يملكون مسكن ً.‬ ‫ا‬ ‫معرفة هذه الوضاع المزرية ودراستها لن يتم من مواقع عالية : ل احد ممن لم‬ ‫يسقطوا في اشداق هذه المعاناة يمكن له ان يفهم المها. ومن حاولوا دراستها من‬ ‫الخارج غرقوا في لغو الحديث والعاطفة ، وانا ل ادري ان كان تجاهل الغنياء‬ ‫للفقير اكثر ضررً من افعال اولئك الذين يدعون الشفقة عليه بتكبر وغرور.‬ ‫ا‬ ‫والنتيجة دائم ً سلبية على كل حال، بينما تزداد الوضاع سوءً. ول يجدر بالفقير ان‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫يرضى بصدقة بد ً من ان تعاد له بعض حقوقه.‬ ‫ل‬ ‫لم اعرف الفقر من بعيد: بل ذقت طعم الجوع والحرمان، ولم ادرسه بطريقة‬ ‫موضوعية، بل خبرته داخل روحي. وكل ما استطيع فعله الن هو وصف المشاعر‬ ‫الساسية، وذكر بعض ما تعلمته من هذه التجارب.‬ ‫لم يكن العثور على وظيفة صعب ً ، نظرً لفتقاري للتجربة. وهكذا اضطررت للعمل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫كمساعد عامل او كعامل باجر يومي. حلمت بالهجرة الى امريكا. تحررت من الفكار‬ ‫القديمة عن الحرفة والمركز، المجتمع والتراث، وسعيت وراء أي فرصة متاحة،‬ ‫وتقبلت أي عمل، مدرك ً ان أي عمل شريف ل يجلب العار لصاحبه. عرفت بسرعة‬ ‫ا‬ ‫ان العمل متوفر ويمكن الحصول عليه بسهولة، ولكن يمكن ايض ً بسهولة ان يفقده‬ ‫ا‬ ‫المرء. بدا لي ان عدم ضمان الوصول لرغيف العيش كل يوم كان اسوء ما عانيته.‬ ‫العامل المدرب ل يجد نفسه في الشارع بيسر مثل العامل غير المحترف، ال انه قد‬ ‫يواجه ذات المصير ايض ً. ولذلك ترى العمال يضربون عن العمل: مما يؤدي‬ ‫ا‬ ‫للضرار باقتصاد المجتمع ككل.‬ ‫ذلك الفلح الذي يهاجر الى المدينة، متخيلً سهولة العمل، وقلة ساعاته، والضواء‬ ‫الكهربائية الملونة، كان قد اعتاد على نوع من الضمان بخصوص لقمة العيش. ففي‬ ‫القرية، لن يترك عمله ال اذا ضمن لنفسه عم ً افضل منه. ونظرً لوجود حاجة‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫دائمة لليدي العاملة في الفلحة، تبقى امكانيات البطالة محدودة. ومن الخطأ تصور‬ ‫ان الفلح الذي يهاجر للمدينة اكثر كس ً من ذلك الذي يبقى في عقر داره. العكس‬ ‫ل‬ ‫هو الصحيح: فالمهاجر عادة يكون الكثر صحة ونشاط ً. ولذلك ل يخاف من‬ ‫ا‬ ‫مواجهة الصعاب. هو يصل ايض ً للمدينة ومعه مدخراته. ولذلك ل يخاف ان ل يصل‬ ‫ا‬ ‫للوظيفة المرغوبة من اول يوم. ولكن المور تزداد سوءً ان عثر على وظيفة ثم‬ ‫ا‬ ‫فقدها. فالعثور على غيرها، خصوص ً في فصل الشتاء، سيكون شاق ً بل ومستحيلً .‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫9‬
  • 10. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫ومع ذلك، سيعيش وستعاونه الفوائد الحكومية للعاطلين. ولكن، حين تنضب هذه‬ ‫الموارد مع مرور الوقت، ستبدأ المعاناة الحقيقية. سيتشرد الفتى الجائع في‬ ‫الشوارع، وسيبيع او يرهن ما يملك، وستسوء حال ثيابه، وينحط الى مستوى‬ ‫مادي وروحي في غاية التعاسة. فتتسمم روحه. وان فقد سكنه في الشتاء، وهو‬ ‫مايحدث كثيرً ، فستكون معاناته فظيعة. وفي نهاية المطاف، سيعثر على وظيفة‬ ‫ا‬ ‫اخرى، ثم تتكرر ذات القصة مرة ثانية وثالثة، وشيئاً فشيئاً يتعلم عدم الميالة،‬ ‫ويصير التكرار عادة. وهكذا يتحول هذا الرجل النشيط سابق ً الى كسول يستخدمه‬ ‫ا‬ ‫الخرين لمصالحهم. وقد عاش حياة البطالة لوقت طويل بدون ذنب حتى ما عاد‬ ‫يهمه طبيعة العمل الذي يقوم به، حتى ان كان هدفه تدمير القيم السياسية الثقافية‬ ‫الجتماعية. وحتى ان لم تعجبه فكرة الضراب، فلن يبالي بها. وقد شاهدت الف‬ ‫القصص المشابهة للتي اقصها. وكلما شاهدت المزيد ، ازدادت كراهيتي للمدينة‬ ‫الكبيرة التي تمتص دماء الرجال وتدمرهم.‬ ‫فحين جاءوا فرادً، انتمى كل منه للمجتمع، وبعد اعوام، ما انتموا لي شيء.‬ ‫ا‬ ‫وانا ايض ً عانيت وعثاء حياة المدينة: شعر جسدي بصعابها وامتصت روحي‬ ‫ا‬ ‫معاناتها. وقد شاهدت ايض ً ان التنقل السريع بين العمل والبطالة، وما ينتج عنه من‬ ‫ا‬ ‫تقلب اقتصادي، يدمر شعور الفرد باهمية القتصاد. بدا ان الجسد يعتاد على التبذير‬ ‫حين يتوفر المال، ويستحمل الجوع حين انعدامه. وبصراحة، ان الجوع يقضي على‬ ‫أي ارادة تسعى للتنظيم القتصادي حين يتوافر المال لنه يضع امام ضحيته المعذبة‬ ‫سراب الحياة السعيدة لدرجة ان الرغبات المريضة ستدمر أي قدرة على التحكم‬ ‫ساعة الوصول لي موارد. وهكذا حين يصل الرجل للمال ينسى كل افكار تتعلق‬ ‫بالنظام والترتيب، ويعيش حياة البذخ ويسعى وراء اللذات النية. وغالب ً ما سيكون‬ ‫ا‬ ‫لهذا العامل زوجة واطفال وسيعتادون جميع ً على التبذير ثلث ليال من السبوع،‬ ‫ا‬ ‫والجوع باقيه. وفي ساعات الظهيرة سيجلسون سوياً امام الصحون شبه الفارغة،‬ ‫منتظرين يوم وصول المرتب، متحدثين عنه، حالمين طوال ساعات الجوع بلذات‬ ‫التبذير.‬ ‫وهكذا يعتاد الطفال منذ طفولتهم على هذه الوضاع السيئة.‬ ‫وقد شاهدت هذه الوضاع مئات المرات وتقززت منها او ً، ثم فهمت حقيقة المأساة‬ ‫ل‬ ‫التي يعيشها هؤلء الناس الذين باتوا ضحايا لظروف اجتماعية سيئة. وما كان اكثر‬ ‫بؤساً هو اوضاع السكن السيئة . بل انني اشعر بالغضب حتى هذه الساعة حين‬ ‫اتذكر الغرف الصغيرة والكواخ الخشبية المحاطة بالقاذورات والوساخ من كل‬ ‫جانب. وقد خشيت ذلك اليوم المرعب، حين سيخرج هؤلء العبيد من اقفاصهم‬ ‫للنتقام من قسوة البشرية عليهم.‬ ‫01‬
  • 11. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫والمسؤولون والثرياء يتركون المور تسير على مجاريها: وبدون أي تفكير‬ ‫يفشلون حتى في الشك بان القدر يخطط للنتقام من هذا الجور. اما انا فعرفت ان‬ ‫تحسين هذه الوضاع ممكن بطريقتين: فلبد من وجود احساس عميق بالمسؤولية‬ ‫لخلق اسس افضل للتقدم ، ومعه ارادة وحشية تدمر كل ما سيقف في طريقها‬ ‫ويعوق تقدمها. وكما ل تركز الطبيعة جهودها في الحفاظ على ما هو موجود، بل‬ ‫تسعى لخلق أجيال مستقبلية افضل، سيكون من الضروري صناعة قنوات جديدة‬ ‫اكثر صحية منذ البداية.‬ ‫تجاربي المختلفة في فينا علمتني ان المشاريع الخيرية غير مفيدة ، والمطلوب‬ ‫تدمير الفوضى القتصادية التي تؤدي الى انحطاط الفراد الخلقي. بل ان عدم قدرتنا‬ ‫على استخدام الوحشية في الحرب ضد المجرمين الذين يهددون المجتمع سببها هو‬ ‫عدم تاكدنا من برائتنا التامة من السباب النفسية والجتماعية لهذه الظواهر.‬ ‫شعورنا الجمعي بالذنب تجاه مآسي النحطاط الخلقي يشل قدرتنا على اتخاذ اقل‬ ‫الخطوات قسوة في الدفاع عن مجتمعاتنا. وفقط حين نتحرر من سلطة عقدة الذنب‬ ‫هذه سنقدر على الوصول للقوة والوحشية والضروريين لتدمير العشاب الضارة‬ ‫والفكار المارقة.‬ ‫وبما ان النمسا كانت عملي ً بل قانون اجتماعي صالح، لم تكن الدولة قادرة على‬ ‫ا‬ ‫التعامل مع هذه المراض البتة.‬ ‫ول اعرف حتى الساعة ما ارعبني اكثر: هل كان سوء الوضاع القتصادية لمن‬ ‫عرفت، ام انحطاطه الخلقي، ام الضعف الفكري؟‬ ‫تصور مث ً هذا المشهد: في شقة تتكون من حجرتين سكنت اسرة عامل تتكون من‬‫ل‬ ‫سبع اشخاص. بين الطفال الخمسة، كان هناك طفل في الثالثة، وهو السن الذي‬ ‫تتكون خلله انطباعات الفرد الولى. هناك بعض الموهوبين الذين يتذكرون هذه‬ ‫النطباعات حتى ارذل العمر. مجرد ضيق الشقة وازدحامها ل يؤدي لخلق ضروف‬ ‫صحية ونفسية ملئمة للنمو. قد تحدث مث ً خلفات بسيطة بين افراد كل اسرة،‬ ‫ل‬ ‫وعادة يذهبون كل الى حجرة مختلفة، وينتهي المر. اما في شقة صغيرة، فكل‬ ‫سيرى نفسه في مواجهة الخرين طوال الوقت. بين الطفال، الخلف شيء طبيعي،‬ ‫وهم ينسون اسبابه بسرعة. ولكن ان شاهد الطفال البوين في حال خصام دائم،‬ ‫تستخدم خلله اللفاظ النابية، وربما العنف، فستكون النتائج سلبية. سيتصور الطفل‬ ‫العالم بطريقة تخيف من يقدر على تصورها. فقد تم تسميمه أخلقيا ، وما تغذى‬ ‫جسده كما ينبغي. ومن ثم يذهب هذا المواطن الصغير الى المدرسة. بعد صراع‬ ‫مضن، قد يتعلم القراءة والكتابة، اما الواجب المنزلي، فانجازه مستحيل. بل ان‬ ‫والديه سيقذعان المدرسة بابشع اللفاظ. كل ما سيسمعه الطفل لن يعلمه احترام‬ ‫مجتمعه. سيكره المدرسين وكل انواع السلطة. وحين ُطرد من المدرسة بعد ذلك،‬ ‫ي‬ ‫11‬
  • 12. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫سيلحظ الناس غبائه، وجهله ، وكذلك سوء أخلقه. أي موقع سيستطيع هذا الشاب‬ ‫اليافع لوصول إليه في ظروف مثل هذه؟ كل ما لديه هو كراهية المجتمع والبشرية.‬ ‫وبعد هذا، في سن الخامسة عشر، سيبدأ ذات الحياة التي عاشها والده، فيذهب‬ ‫للخانات، ويعود متاخرً لمنزله، وينتهي به المر في السجن.‬ ‫ا‬ ‫وكم من مرة غضب الرأسمالي اذ سمع العامل الفقير يقول انه ل يهتم سواء اكان‬ ‫المانياً ام ل، ما دام يجد الغذاء والكساء: فقدان الشعور القومي بهذه الطريقة فظيع.‬ ‫كم من اللمان في عصرنا يشعرون بالفخر ان تذكروا انجازات امتهم الثقافية‬ ‫والفنية؟ وهل يدرك المسؤولين ان الشعور بالفخر والعزة الوطنية ل يصل ال لقلة‬ ‫من افراد الشعب.‬ ‫لذلك ل بد من تحسين الوضاع المعيشية ومن ان يركز التعليم على قيم اساسية‬ ‫تتفشى في اذهان الناس عبر التكرار.‬ ‫ولكن المانيا، بدلً من الدفاع عن القيم القليلة الموجودة، تسعى لتدميرها. والفئران‬ ‫التي تبث سمومها في القلب والذاكرة تنجح في الوصول لغاياتها، بمساعدة الفقر‬ ‫والمعاناة: يوم ً بعد يوم، في المسارح ودور السينما، نرى السم ُقذف على‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫الجماهير، ثم يتحير الثرياء عن اسباب انحطاط القيم الخلقية للفقراء، وانعدام‬ ‫الشعور الوطني بينهم.‬ ‫قضية خلق الشعور الوطني اذً تعتمد على توفير ظروف ملئمة لتعليم الفراد لن‬ ‫ا‬ ‫اولئك الذين يتعلمون عن طريق السرة والمدرسة فقط هم الذين سيستطيعون تقدير‬ ‫النجازات الثقافية والقتصادية والسياسية لوطنهم لدرجة النتماء لذلك الوطن.‬ ‫استطيع ان احارب فقط من اجل ما احب، واحب فقط ما احترمه، واحترم على القل‬ ‫ما اعرفه.‬ ‫ومع ازدياد اهتمامي بالقضايا الجتماعية ، بدات اقرء المزيد عنها ، وفتح عالم‬ ‫جديد ابوابه لي‬ ‫خلل العوام 0091 -0191 تغيرت اوضاعي لنني ما عدت اعمل كعامل ، بل‬ ‫بدات العمل كخطاط وراسم باللوان المائية. ومع ان المال ما كان كافي ً ، ال انه كفى‬ ‫ا‬ ‫لتحقيق طموحي آنذاك. اذ استطعت الرجوع للمنزل وانا قادر على القراءة بدون ان‬ ‫يدفعني التعب من عمل اليوم للنوم فورً. بات بعض وقتي ملك ً لي.‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫تصور الكثيرون انني غير طبيعي : ولكنني تابعت ما اعشق، الموسيقى والعمران.‬ ‫كنت اجد في الرسم والقراءة كل اللذات وسهرت كثيراً حتى الصباح مع لوحة او‬ ‫كتاب. وهكذا كبرت طموحاتي، وحلمت بان المستقبل سيحقق امالي، وان بعد حين.‬ ‫21‬
  • 13. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫كذلك تابعت قضايا السياسة وقرات المزيد عنها لنني ارى ان التفكير في شؤونها‬ ‫وظيفة تقع على عاتق كل مواطن يفكر. وبدون معرفة شيء عن طبيعتها ل يحق‬ ‫للفرد النقد او الشكوى.‬ ‫ل‬ ‫ما اعنيه بالقراءة يختلف عما يقوله دعاة الثقافة في عصرنا. فقد عرفت رجا ً‬ ‫قراوا كثيراً ، ولكنه ما كانوا مثقفين. نعم، هم عرفوا الكثير من المعلومات، ولكنهم ا‬ ‫استطاعوا تسجيلها وتنظيمها. وهكذا افتقدوا فن تمحيص القيم من الغث، والتحرر‬ ‫مما كان بل فائدة، والحتفاظ بالمفيد معهم طول العمر. فالقراءة ليست غاية في حد‬ ‫ذاتها، بل وسيلة لتحقيق الغايات. وظيفتها الساسية هي مل الفراغ المحيط‬ ‫بالمواهب والقدرات الطبيعية للفراد. المفروض هو ان نقدم للفرد المعدات التي‬ ‫يحتاجها لعمله الحياتي بغض النظر عن طبيعة هذا العمل. كذلك، يجدر بالقراءة ان‬ ‫تقدم رؤية معينة للوجود. وفي كل الحالين، الضروري هو ال تتحول محتويات‬ ‫الكتاب الى الذاكرة بجوار كتب لحقة، بل ان توضع المعلومة المفيدة بجوار غيرها‬ ‫لتوضيح الرؤية الساسية في فكر القاريء. وان لم يحدث هذا، ستتجمع المعلومات‬ ‫بشكل فوضوي في الذهن، بل قيمة سوى خلق الكبرياء. فالقاريء من هذا النوع‬ ‫سيتصور انه قد عرف المزيد ، وان كان في الواقع يبتعد اكثر فاكثر عن الواقع حتى‬ ‫ينتهي المطاف به في مستشفى المجانين.. او مجلس الشعب، وهو ما يحدث كثيرا.‬ ‫وهو لن يستطيع اذً الستفادة مما قراه.‬ ‫ا‬ ‫اما القاريء الناجح، فيستطيع بسرعة ادراك ما سيستفيد منه وترك الباقي.‬ ‫المعلومة المفيدة ستصحح الخطاء، وتوضح الصورة الكلية. ثم، حين تضع الحياة‬ ‫سؤا ً امام القاريء، ستعرف ذاكرته كيف تجلب الجزاء المطلوبة للجابة، وتقدمها‬ ‫ل‬ ‫للعقل حتى يختبرها ويتحقق بشانها، حتى تتم الجابة على السؤال. وهذه هي‬ ‫القراءة المفيدة. ومنذ صباي حاولت القرائة بهذا السلوب، وفي هذا المسعى‬ ‫عاونني الذكاء والذاكرة. اما تجارب الحياة اليومية فقد دفعتني لقراءة المزيد‬ ‫ا‬ ‫والتفكر بشانه. وفي هذا السعى عاونني الذكاء والتجارب. وهكذا وجدتني اخيرً‬ ‫قادرً على الربط بين النظرية والواقع ، وعلى اختبار النظرية في ظل الواقع،‬ ‫ا‬ ‫ونجوت بهذه الطريقة من الكبت الذي تخلقه النظرية لمن ل يعرف سواها، ومن‬ ‫التفاهة التي يحياها من ل يعرف سوى الواقع اليومي المعاش.‬ ‫خلل تلك المرحلة دفعتني تجارب الحياة الى دراسة سؤالين آخرين، كانت‬ ‫الماركسية احدها. فما عرفته عن الفكر الديمقراطي كان قلي ً وغير دقيق. آنذاك،‬ ‫ل‬ ‫اسعدتني فكرة الصراع من اجل حقوق النتخاب. فحتى في ذلك الزمن الباكر، ادركت‬ ‫بان هذا سيضعف من سطوة السلطة الجائرة في النمسا. وكلما زادت اللغات‬ ‫المستخدمة في مجلس الشعب النمساوي الذي بات مثل - بابل - بدا تشتت تلك‬ ‫الدولة الحتمي وشيك ً ، ومعه ساعة تحرر الشعب اللماني.‬ ‫ا‬ ‫31‬
  • 14. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫نتيجة لكل هذا، لم اتضايق من حركات الديمقراطية الجتماعية. بل ان ادعائاتها‬ ‫بمساعدة الطبقات الفقيرة بدت لي من العوامل التي وقفت في صفها. ولكني رفضت‬ ‫في هذه الحركات عدائها لكل محاولت المحافظة على الشخصية اللمانية،‬ ‫ومغازلتها "للرفاق السلف"، الذين ما تقبلوا من افكارها ال ما سيستفيدوا منه،‬ ‫وتركوا الباقي باحتقار تام.‬ ‫حدث لقائي الول مع هذه الحركات خلل عملي كعامل بناء.‬ ‫وكانت التجربة سيئة منذ البداية: كانت ثيابي نظيفة، ولغتي جيدة، وسلوكي حذرً.‬ ‫ا‬ ‫كنت ل ازال اسعى وراء مصيري لدرجة تجاهل الناس حولي. بحثت عن العمل فقط‬ ‫خوف ً من الجوع، وللستمرار في الدراسة. ربما ما كانت القضية ستهمني البتة لو‬ ‫ا‬ ‫لم يطلبوا مني في اليوم لرابع النضمام لتجمعهم. ونظرً لجهلي بالموضوع، رفضت‬ ‫ا‬ ‫موضحاً انني ل اعرف ما يكفي عنهم للنضمام اليهم. ربما لهذا السبب لم يعادونني‬ ‫، بل ورغبوا في اقناعي بالنضمام الى صفوفهم. ولكنني خلل السبوعين القادمين‬ ‫عرفت افكارهم جيدً، وما عاد باستطاعتي البتة النضمام لمجموعة بغضتها.‬ ‫ا‬ ‫ساعة الظهيرة حين كنا نتناول الطعام في الحانة: كنت اشرب الحليب وآكل الخبر‬ ‫في زاوية متطلع ً لهم بحذر او متاملً حظي السيء. وهكذا استمعت لهم، بل انهم‬ ‫ا‬ ‫جاءوا بجواري حتى استمع واتخذ موقف ً. وما كان امامي منفذ آخر لن ارائهم‬ ‫ا‬ ‫اغضبتني جدً: قالوا ان الحس الوطني نتج عن اعلم الطبقات الراسمالية، وانه‬ ‫ا‬ ‫عبارة عن سلح يستخدمه الثرياء لستغلل العمال، والمدرسة ليست سوى‬ ‫مؤسسة لنتاج العبيد واسيادهم، اما الدين فادعوا انه اسلوب لتخدير الشعوب حتى‬ ‫تسهل السيطرة عليهم، والخلق ليست سوى دللة على الغباء. ما كان هناك ما لم‬ ‫يلقونه في الوحل. في البداية لذت بالصمت، ولكنني سرعان ما بدأت باتخاذ مواقف‬ ‫فكرية مخالفة، وقرأت فكرهم وناقشتهم بشانه. واستمر النقاش حتى قرروا استخدام‬ ‫سلح يقهر العقل بسهولة: وهو البطش والرهاب. وهكذا طلبوا مني الذهاب‬ ‫وهددوني بانهم سيلقونني في الخارج ان رفضت. وهكذا خسرت عملي، وفي نفسي‬ ‫سؤال مرير: هل هؤلء فع ً بشر؟ وهل يستحقون شرف النتماء لمة عظيمة؟‬ ‫ل‬ ‫وكان السؤال صعب ً. وان كانت اجابته باليجاب، فان الصراع في سبيل القومية لن‬ ‫ا‬ ‫يستحق التضحية والمعاناة، اما ان كانت الجابة بالنفي، فان امتي ستفتقر بالفعل‬ ‫للنسان.‬ ‫ومن المؤكد ان مليين العمال بدأوا برفض الحركات اليسارية ، ولكن الراسماليين‬ ‫ذاتهم دفعوهم لحضانها بطريقة مجنونة: اذ ان الثرياء رفضوا كل محاولت‬ ‫تحسين اوضاع العمال، سواء اكان الهدف تحسين الوضاع الصحية في المصانع‬ ‫عبر تطوير اللت، او منع عمالة الطفال، او حماية المرأة الفقيرة اثناء فترة‬ ‫الحمل. وقد كان رفض هذه الفكار مخزي ً بالفعل، ودفع العمال لحضان اليسار. ولن‬ ‫ا‬ ‫41‬
  • 15. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫تستطيع الراسمالية ابدً التحرر من اضرار رفضها للصلح الذي بذر الكراهية بين‬ ‫ا‬ ‫الغني والفقير ودفع بالعمال الى الحزاب اليسارية.‬ ‫خلل تلك الفترة، رفضت ايض ً اتحادات العمال، وان كنت خاطئ ً في هذا التجاه. ففي‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫سن العشرين عرفت ان التحاد العمالي سعى للدفاع عن الحقوق الجتماعية لهذه‬ ‫الطبقة، وان هدفه الساسي كان تحسين اوضاعها الجتماعية. فالعامل ل يستطيع‬ ‫ان ما رضي بعمله، استبداله بآخر. فاما ان يكون تحسين الوضاع الجتماعية في‬ ‫مصلحة المجتمع او ل يكون. وان كان ، فلبد من الصراع لتحسين هذه الوضاع.‬ ‫ولكن العامل ل يقدر وحيدً على مواجهة قوة الراسمالي الثري. ولذلك كانت‬ ‫ا‬ ‫التحادات ضرورية . ولكنها منذ بدايات القرن العشرين بدات تفقد دورها الجتماعي‬ ‫الساسي ، ومع مرور العوام تحولت الى سلح تستخدمه الحزاب الشيوعية في‬ ‫صراعها الطبقي. وهكذا بات هدفها تدمير اقتصاد المجتمع، وتغييره، بد ً من‬ ‫ل‬ ‫اصلح الوضاع السيئة - التي كان اصلحها خطرً اذ انه قد يقنع العمال بتقبل‬ ‫ا‬ ‫اوضاعهم، ول يسمح للشيوعيين باستغللهم بذات الطريقة البشعة. تطلع زعماء‬ ‫التحادات بخوف لمكانيات الصلح لدرجة انهم رفضوا أي محاولة للتغيير‬ ‫للفضل، وهاجموها يقسوة شديدة. ثم تقدموا بطلبات مستحيلة ما كان للراسماليين‬ ‫بد من رفضها، ثم ادعوا ان هناك مؤامرة لتدمير العمال واستغللهم. ونظرً لضعف‬ ‫ا‬ ‫قدرات هذه الطبقة الفكرية، ما كان النجاح صعب ً.‬ ‫ا‬ ‫وهكذا عرفت طبيعة العلقة بين هذه العقيدة المدمرة والطبائع الحقيقية لناس ما‬ ‫عرفت بعد أي شيء عنهم. وقد كانت معرفتي باليهود فقط هي ما اوضح لي الطبيعة‬ ‫الحقيقية الخفية لنشاطات اتحادات العمال، الديمقراطية ظاهرً، الشيوعية في‬ ‫ا‬ ‫الخفاء.‬ ‫ل اتذكر بالضبط متى بدات بالتفكير بشكل جدي بالقضية اليهودية. ل اعتقد انني‬ ‫استمعت لهذه الكلمة في منزلنا اثناء طفولتي. اعتقد ان والدي كان سيتضايق من‬ ‫الهتمام بهذه القضية بل ويعتبر التركيز عليها نوع ً من انواع التخلف. وبسبب‬ ‫ا‬ ‫تجاربه المختلفة، وصل لنوع من العالمية التي، بالرغم من وطنيته، اثرت على‬ ‫بشكل ما. وما رايت في المدرسة ما دفعني لتغيير افكاري. واتذكر الن وجود شاب‬ ‫يهودي معنا في المدرسة، ولم نكن نثق به بسبب تسريبه للخبار من شخص لخر.‬ ‫ولكن هذا لم يدفعني للتفكير بالمر بشكل جدي.‬ ‫في سن الخامسة عشر، استمعت لحوارات دينية وسياسية تناولت القضية اليهودية،‬ ‫ولكني ضقت ذرع ً بها نظرً لطبيعتها الدينية. كان هناك بعض اليهود في لينز. ومع‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫مرور القرون، تغيرت طباعهم ومظهرهم لدرجة انني اعتبرتهم المان ً. ياللبلهة!‬ ‫ا‬ ‫تصورت انه ل فرق بيننا وبينهم سوى الدين. حقيقة معاناتهم للضطهاد بسبب‬ ‫دينهم، كما تصورت واهم ً ، دفعتني للغضب حين سمعت الناس ينتقدونهم.‬ ‫ا‬ ‫51‬
  • 16. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫ثم جئت الى فيينا.‬ ‫وبسبب اهتمامي بالمعمار والصعاب التي واجهتها، لم الحظ وجود مئتا الف يهودي‬ ‫بين المليونين الذي يقطنونها. غمرتني الفكار والقيم الجديدة. وفقط مع عودة‬ ‫الوعي والتروي وضحت الرؤية. في البداية ، اغضبتني للغاية انتقادات بعض‬ ‫الصحف المحلية لليهود، وتصورت انها رجعة لتطرف العصور الوسيطة. وبما ان‬ ‫المجلت المعنية ما كانت حسنة السمعة، تصورت ان القضية ل تزيد عن كراهية‬ ‫وحسد. واكد صحة هذا الراي السلوب النبيل الذي استخدمته الصحف الكبيرة في‬ ‫الرد على هذه التهامات، او رفضها احيان كثيرة مجرد التعليق عليها، وقتلها‬ ‫بالصمت المطبق.‬ ‫قرات الصحافة الدولية واذهلني وسع افقها ومواضيع مقالتها. احترمت سموها‬ ‫الفكري، وان ضايقني احيان ً ما اعتبرته نوع من النفاق على حساب الحقيقة. فقد‬ ‫ا‬ ‫رايت مغازلة هذه الصحف للسلطة. وما حدث امر يتعلق بالحكومة، ال ووصفوه‬ ‫بحماس منقطع النظير. وفي ذات الن، كانوا احيان ً يهاجمون الحكومة القيصرية في‬ ‫ا‬ ‫المانيا. كانت موضوعيتهم اذً عبارة عن احترام مصطنع لتفاقية بين دولتين.‬ ‫ا‬ ‫شعرت بسطحية هذه الصحافة، وبدات الحظ نقاط ضعفها. قراتها الن بحذر،‬ ‫ولحظت ان الصحافة المعادية لليهود، كانت اكثر صراحة احيان ً. بل ان بعض ما‬ ‫ا‬ ‫ُشر على صفحات الخيرة كان يدفع للتفكير.‬‫ن‬ ‫وفي يوم لحظت يهودياً في شوارع فيينا وتطلعت له متسائ ً: هل هذه الرجل‬ ‫ل‬ ‫الماني؟ كالعادة قمت بالقرائة عن هذا الموضوع، وكانت الكتب سيئة. الكتاب‬ ‫تصوروا ان القاريء يعرف كل ما هو ضروري عن اساسيات الموضوع، وجله قدم‬ ‫افكارً غير علمية البتة. تراجعت، وخشيت ان تتكون لدي اراء غير عادلة بهذا‬ ‫ا‬ ‫الشان.‬ ‫ما بات واضح ً لي هو ان اليهود ما كانوا المان ً ، بل شعب ً خاص ً. فمنذ ان بدأت‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫بدراسة الموضوع بت الحظهم. وكانت تصرفاتهم واخلقياتهم واشكالهم تخالف‬ ‫تماماً اللمان العاديين. بل انني عرفت ان هناك بينهم حركة تدعى الصهيونية تؤكد‬ ‫على انهم شعب خاص. وكان واضح ً ان بعضهم وافقوا على هذه الفكرة، وعارضها‬ ‫ا‬ ‫آخرين. ولكن المعارضين للصهيونية بدوا لي كاذبين لنهم ما رفضوا الصهاينة‬ ‫كمارقين، بل كيهود يقدمون افكارً خطيرة واساليب ضارة للتعبير عن هويتهم‬ ‫ا‬ ‫الدينية. وهكذا كانوا جميهاً جسدً واحدً ، الصهاينة وغيرهم.‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫خلل فترة قصيرة تقززت من الحوار بين اليهود الصهاينة واليهود غير الصهاينة‬ ‫لن الحوار بدا لي مبنياً على خداع كاذب ل يتلئم مع السمو الخلقي والطهارة التي‬ ‫61‬
  • 17. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫يدعيها الشعب المختار لنفسه.‬ ‫ثم لحظت ايض ً الدور الذي يلعبونه في الحياة الثقافية: ول ادري هل يوجد اي نوع‬ ‫ا‬ ‫من انواع الفساد الخلقي والثقافي بدون ان يكون احدهم وراءه. لحظت دورهم في‬ ‫الصحافة، الفن، الدب ، المسرح. لم احتاج سوى لقراءة السماء وراء كل انتاج‬ ‫ا‬ ‫يسعى لهدم البنية الخلقية للمجتمع، وفي جميع الميادين. ان انتجت الطبيعة واحدً‬ ‫مثل جوثة، فهناك مقابله الف من هؤلء الذين يبثون السموم في ارواح الناس.‬ ‫وبدا كأن الطبيعة قد خلقت اليهود للقيام بمثل هذه الدوار.‬ ‫تسعة اعشار القذرات في ميداني الدب والمسرح انتجها الشعب المختار، وهم ل‬ ‫يزيدون عن 1% من السكان. اما الصحافة الدولية التي احببتها يوماً فكان غالب‬ ‫كتابها منهم. ادركت الن ان اسلوبهم الموضوعي في الرد على مهاجميهم ،‬ ‫والتزامهم الصمت احيان ً، ما كانا سوى خداع ً يهدف للسيطرة على الناس. لحظت‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ان العمال المسرحية والدبية التي يمتدحونها هي التي يقدمها اليهود، اما العمال‬ ‫الدبية اللمانية، فانتقدوها دائماً بقسوة بالغة. ما اختبا وراء الموضوعية‬ ‫المصطنعة كان العداوة الشديدة لكل ما هو الماني.‬ ‫ولكن ، لمصلحة من كان كل هذا؟‬ ‫هل كان كله محض صدفة؟‬ ‫بت غير واثق شيئاً فشيء.‬ ‫ثم لحظت الخلقيات اليهودية في الشارع. علقتهم بالدعارة، بل وباستعباد‬ ‫البيض، كان واضح ً جدً في فيينا. وهكذا حين ادركت ان اليهودي هو ذلك المرابي‬ ‫ا ا‬ ‫البارد القلب، المنعدم الحياء، الذي يستثمر امواله في هذه التجارة الفاسدة التي‬ ‫تدمر المجتمع، ارتعشت اطراف جسدي.‬ ‫بدات بمناقشة القضية اليهودية، وتعودت ان اراهم في مختلف فروع الحياة الثقافية.‬ ‫ولم استغرب حين عرفت ان زعيم الحزب الديمقراطي الذي تحدثت عنه اعله كان‬ ‫يهودي ً.‬ ‫ا‬ ‫وحتى في علقاتي اليومية مع العمال، لحظت قدراتهم المذهلة على تقبل اراء‬ ‫متعاكسة، متذبذبين بين اتجاه واخر احيان ً خلل ساعات او ايام محدودة. لم استطع‬ ‫ا‬ ‫ان افهم كيف يمكن لناس، حين تتحدث مع احدهم ، يبدو لك منطقياً واقعيا، ان‬ ‫يتحول فجاة تحت تاثير رفاقه لراء معاكسة لكل منطق. احيان ً شعرت بالياس التام‬ ‫ا‬ ‫المطبق. فبعد ساعات قضيتها في حوار مضني، شعرت بانني ساعدت في تحرير‬ ‫71‬
  • 18. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫احدهم من هراء آمن به، وسعدت لنجاحي، ولكني سمعته يكرر ذات الهراء ثانية‬ ‫صباح اليوم التالي، وذهب جهدي هباء.‬ ‫فهمت انهم ما كانوا قانعين باوضاعهم وبغضوا القدر الذي عاملهم بقسوة شديدة ،‬ ‫والرجال الذي بخسوهم الجر وما فهموا معاناتهم، وانهم تظاهروا ضد ارتفاع‬ ‫السعار، كل هذا كان مفهوم ً. ولكن ما ل افهمه كان كراهيتهم لجنسهم ووطنهم،‬ ‫ا‬ ‫واحتقارهم له، وتدميرهم لتاريخه. كان هذا الصراع ضد جنسهم وقبائلهم وبلدهم‬ ‫تدميراً للذات. وان امكن معالجتهم منه، فلساعات محدودة.‬ ‫ثم لحظت ان صحافة الديمقراطيين تحكم فيها اليهود: ومع ان ظروف العمل في‬ ‫هذه الصحف شابهت غيرها، ال انني لم اجد بينها واحدة يمكن اعتبارها حسب‬ ‫رؤيتي الخاصة، وطنية. كانت الصحافة التي يديرها اليهود شيوعية في العادة،‬ ‫واسعدني هذا. اذ عرفت ان الحزب الذي كنت اتصارع معه منذ شهور كان اجنبي ً،‬ ‫ا‬ ‫فاليهود ما كانوا ابدً المانا.‬ ‫ا‬ ‫عرفت الن من اغوى شعبنا لطريق الظلل.‬ ‫عرفت ايض ً ان انقاذه ممكن.‬ ‫ا‬ ‫اما اليهودي، فارائه الضالة ل تتغير ابدً.‬ ‫ا‬ ‫فقد حاولت آنذاك مناقشتهم: تحدثت كثيرً واوضحت شرور الفكر الماركسي، ولكن‬ ‫ا‬ ‫بل فائدة سوى ان يبح صوتي. واحيان ً ،حين نجحت في اصابة احدهم بضربة فكرية‬ ‫ا‬ ‫مميتة، وشاهد جميع السامعين هذا، واضطر غريمك للموافقة، فانه سيعود صباح‬ ‫اليوم التالي لموافقه ذاتها، وكان أي تغيير لم يحدث.‬ ‫وكان لكل هذا فائدة: فكلما فهمت اساليب اليهود وخداعهم بشكل افضل، زاد عطفي‬ ‫على العمال وادركت انهم ضحايا لهذه الساليب واغوائها.‬ ‫تراجعت عن الفكار الدولية وبت ناقم ً على اليهود. وحين درست نشاطاتهم عبر‬ ‫ا‬ ‫القرون، تسائلت : هل كتب القدر لهم التوفيق والسيطرة على الخرين، لسباب ل‬ ‫نعرفها؟ هل يمكن ان يكون النصر حليف ً لمة ما عاشت ال للدنيا؟‬ ‫ا‬ ‫تفكرت مرة اخرى في عقائد الماركسية ، وتعلمت اشياء جديدة: ان هذه العقيدة‬ ‫ترفض فكرة الصفوة الرستقراطية الموجودة في الطبيعة وتستبدل القوة الفكرية‬ ‫بالكثرة العددية. وهي لهذا السبب ترفض أي قيمة فردية، وتعارض الفكر القومي،‬ ‫وتسحب من النسانية ثقافتها. انها فكرة كفيلة بتدمير أي حضارة، وان انتصر‬ ‫81‬
  • 19. ‫كتاب : كفاحي لهتلر‬ ‫مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫جمع وترتيب واس‬ ‫اليهودي بمعونة هذا الفكر، فان نصره سيكون الدمار النهائي للنسانية.‬ ‫ولذلك اشعر انني اتصرف بمعاونة الخالق العظيم ومن اجل تحقيق اهدافه السامية‬ ‫لمصلحة البشرية حين ادافع عن نفسي ضد اليهودية واعلن الحرب عليها‬ ‫شكرا للخ الهتلريه‬ ‫جمع وترتيب: واس‬ ‫منتديات قصيمي نت‬ ‫91‬